في مصر كان يسمى الشخص الذي يقرأ القرآن في العزاء وينشد أناشيد المناسبات الدينية ب (الشيخ)، وكان يقوم بكل هذه الأعمال دون تصنيف فني أو انتقاد اجتماعي، وأعتقد أن الراسخين في الفن يتذكروا الشيخ إمام والشيخ زكريا والشيخ سيد درويش وآخرين! وتدور رحى هذا المقال في ذهني وأنا أستمع لقصيدة الشيخ عائض القرني بحنجرة الفنان محمد عبده، ولن أتحدث عن النواحي الفنية التي افتقدتها قصيدة الشيخ القرني (لا إله إلا الله)، ولا عن اللغة المباشرة أو الخطاب الشعري السطحي التي تمتعت بها القصيدة! إن هذا التحوّل الجميل من الشيخ عائض كان يفترض أن يكون قبل عقود من الزمن، ولا أعني التعاون الفني أو إبرام الصفقات التجارية على حساب الكلمة والشعر، ولكن أعني المرونة والأريحية التي ظهرت في العديد من رموز الصحوة مؤخرا، والتي افتقدناها إبان المد التكفيري قبل عقدين من الزمن حيث كان الخطاب المحتقن القائم على الترهيب ورواج ثقافة الكاسيت التي تغلغلت في مساجدنا ومدارسنا وبيوتنا مما أدى إلى خلق مناخ من التوتر الاجتماعي والفكري وتمخض عن ولادة العقول المتشددة والأجساد المفخخة! إن مفهوم الغناء لا يعني بالضرورة الدخول إلى المنطقة المحرمة دينيا.. وفيما أرى أن هذا التعاون بين الشيخ والمغني قائم على مصلحة مشتركة بينهما، فالشيخ يريد أن يروج لقصيدته العادية عند جمهور المغني، والمغني يريد كسب مزيدا من الجماهيرية التي قد تصل إلى النخب الدينية! أجمل وأطرف ما في الأمر هي خاتمة العمل عندما تسمع: كلمات الشيخ.......، أداء وألحان الفنان:........!