كانت بداية عملي الاجتماعي مع فتيات حكمت عليهن الظروف أن يعشن عقوبة خلف القضبان! وكانت تلك المرحلة من أهم المراحل العملية التي عشتها، وذلك لأنها كشفت أمامي ومع مرور السنوات تلك النماذج المؤسفة التي يستر عليها الخالق سبحانه ويسعى الخلق إلى كشف سترها بشتى الطرق، أو أنها تقوم بإصرارها على الخطأ في كشف سترها وإيذاء الآخرين المسالمين من خلق الله! وهذا ما ينطبق على نموذج متكرر من القضايا التي تعاملت معها من الفتيات المظلومات باسم الحب الموعود بالزواج والذي قد ينتهي بالحمل السفاح وتنكر العاشق المسبب للحمل لدوره في ذلك، ورفضه جميع توسلات أسرة الفتاة بالارتباط بابنتهم ولو لمدة بسيطة ثم تطليقها وذلك بهدف الستر عليها! أو باختفاء العاشق المزيف عندما يجد نفسه على شفا حفرة من الوقوع في براثن وعوده المزيفة وتحمل الفتاة للعقوبة وحدها! ولكن عندما يقع مع فتاته في قبضة رجال الهيئة أو الأمن وتتم إحالتهما للتوقيف للتحقيق في أمرهما وإذا وصلت القضية للحكم الشرعي بعد التحقيق قد يكون الحكم بالتغريب لكل منهما خارج المنطقة، والمفارقة هنا أن الشاب قد لايسجن لكنه مجبر على إثبات وجوده في نفس البلد الذي تغرب له كل ليلة في أحد مراكز الشرطة، أما الفتاة فتعيش مدة تغريبها التي لا تقل عن سنة خلف القضبان في إحدى المؤسسات الإصلاحية وذلك من باب الخوف عليها طبعاً، ولعدم وجود أيضاً من يتقبلها من أسرتها للذهاب معها للبلد الذي تغربت له! وقد تظل في المؤسسة لسنوات بعد انتهاء مدتها إذا لم تتقبل أسرتها استلامها ولا يتم إجبار الأسرة على استلامها خاصة إذا كانت الأسرة مازالت مصدومة من وضع ابنتها، كذلك لا يتم إجبار الفتاة على الخروج إذا رفضت خوفاً مما قد تتعرض له من أسرتها! والمؤسف أن الفتيات اللاتي قد يتعرضن لمثل هذه القضايا الأخلاقية نتيجة العلاقات الغرامية المزيفة والتي تكون هي بلا شك الطرف المستغل والخاسر فيها بالدرجة الأولى قد تنجح محاولات المهتمين بأمر استقرارهن مع أسرهن وذلك بعد انتهاء مدة عقوبتهن الشرعية، أو حتى تلك الحالات التي لا ينطبق عليها حكم شرعي ويكتفى بتسليمها لأسرتها وأخذ التعهدات بالمحافظة عليهن من التعرض لأوجه الاستغلال المختلفة من الشباب، وخاصة مع الأسر التي لا يوجد بها إخوة ذكور متسلطين حيث من المألوف أن نجد التسامح والستر من الأبوين لما مرت به ابنتهما من استغلال عاطفي قد يتطور لاستغلال جنسي فاضح! لكن الأسر التي تعيش نزاعات مابين الإخوة إناث وذكور تتعرض لمواقف أصعب في حالة إلغاء مكانة الأب ويصبح الأخ هو المسيطر على مصير الأسرة، بل ويكون الأبوان تحت تصرفه خوفاً من تهديداته لهما! وذلك لأن بعض الأسر تغفل أهمية العدل في تربية أبنائها على تجنب المحرمات والخوف من الله سبحانه وتعالى قبل الخوف من الناس، فالأسر التي تترك أبناءها الذكور يتفاخرون بعلاقاتهم النسائية أمام أخواتهم، ويتساهلون في الواجبات الدينية، لن يكونوا قدوة صالحة أبداً لأخواتهم خاصة عندما يلغى النموذج الرئيسي للقدوة في الأسرة، وبذلك نجد للأسف الشديد أن قتل الأخوات سيتكرر بسهولة حتى لو أنقذتهن التحقيقات من العرض على القضاء!!