قرأت مؤخرًا عن عقد وقّعه معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد مع إحدى الشركات الوطنية؛ لإنشاء ميقات ذات عرق وملحقاته، بمحافظة الطائف على طريق عشيرة، وبمساحة (3300) متر مربع، ويتكون من دور أرضي بمساحة 2775 مترًا مربعًا تستوعب 3300 مُصلٍّ من الرجال، و 200 من النساء، ودور الميزانين بمساحة 750 مترًا مربعًا يستوعب 900 مصلٍّ من الرجال، ودور القبو المخصص مواقف للسيارات، ومباني دورات المياه تشتمل 150 دورة للرجال، و 60 للنساء، وسكن للإمام والمؤذن (المدينة 29 يونيو). بداية لا بد من شكر الوزارة على جهودها المبذولة للعناية ببيوت الله، ومع ذلك فلا يتعارض ذلك التقدير مع إثارة بعض الأسئلة الجديرة بالاهتمام: أولاً: ما مدى الحاجة الفعلية لمسجد بهذا الحجم؟ وكم مرة سيمتلئ المسجد إلى حدّه الأقصى البالغ 3500 مُصلٍّ في وقت واحد؟ الذي أعلمه أن المارّين بالميقات سيل مستمر في مواسم الذروة في أواخر رمضان، ويوم الثامن من ذي الحجة. أمّا عدا ذلك، فالإقبال عادة ما يكون عاديًّا جدًّا، ولا يتجاوز مئات معدودة في وقت واحد. وإذًا فالفائدة المرجوّة متواضعة مقارنة بالتكلفة العالية التي تجاوزت 200 مليون ريال. وبافتراض أن الضغط بهذه الأعداد الكبيرة مستمر معظم أيام العام، فإن ذلك سيثير حتمًا سؤالاً جديدًا عن مدى قدرة الوزارة الموقرة على صيانة هذا المبنى الضخم طوال العام؟ وكيف تُصان أجهزة التكييف فيه، المكلّفة بتبريد مبنى تتجاوز مساحة مسطحاته المكيفة 3500 متر مربع؟ أعلم يقينًا أن أجهزة حكومية تواجه مشكلات ضخمة نحو العناية بأجهزة التكييف في مقراتها الرئيسية، فكيف بمبنى يبعد عن مقر الوزارة مئات الكيلومترات؟! أخيرًا مَن سيصون دورات المياه البالغة 210 دورات؟ وفي موقع آخر 550 دورة، حسب الخبر نفسه؟ الجواب لا يحتاج إلى رهان مؤكد على الفشل الذريع، واسألوا إن شئتم المساجد الأخرى، ومحطات الاستراحة على الطرق السريعة، ومعظم الأماكن العامة حتى الراقية منها. ما جدوى البناء دون صيانة عالية المستوى، تحافظ عليه، وتعظّم من قدر الفائدة منه؟!