مازالت صور ضحايا العنف الأسري وخاصة \" الأطفال \" تتكرر على المشاهد اليومي في الصحف المحلية وعلى القنوات الفضائية مما يستدعي التحرك العاجل لوضع آليات حاسمة لحماية الأطفال وبالذات أطفال المطلقات الذين يدفعون ثمن جهل أمهاتهم بحقوقهن في الحضانة والرعاية لهم، وتسلط الآباء الذين يتمسكون برعايتهم ويعتبرونهم غنيمتهم التي كسبوها بعد دخولهم حلبة زواج فاشل ! لذلك نجد أن جهل النساء عموماً بحقوقهن الشرعية له دور كبير في تعزيز الدور السلبي والعدواني للأب المنفصل عن أطفاله، وكذلك جهل الزوجات خاصة بعد تعرضهن لتجربة الانفصال المؤقت أو حدوث الطلاق، إلى جانب عدم وجود أنظمة قوية تقوم على مساندتهن وحمايتهن بعد الطلاق، حيث تتعرض المطلقة لمشكلات مادية واجتماعية وقد تكون نفسية أيضاً لما تعرضت له من مواقف مؤلمة سابقة خلال فترة زواجها لذلك قد تتنازل عن كل حقوقها وفي مقدمتها أطفالها لكي تنقذ نفسها أولاً سعياً منها للابتعاد عن الماضي الأسود الذي عاشته ومقابل مساومتها على الطلاق ! لذلك تجد نفسها غير قادرة على رعايتهم وتحمل مسؤوليتهم كاملة وتظل لسنوات بعيدة عنهم ومغيبة عن أحوالهم وشؤونهم الخاصة حتى تصل حالتهم لمستوى يطفح على السطح وبتدخل من جهات حكومية سخرت لخدمة هؤلاء المستضعفين. وهذه النماذج المحزنة من الأطفال يتعرضون للأذى الجسدي والنفسي، ويدفعون الثمن بدرجات مختلفة طوال سنوات طفولتهم، ولا يتم التدخل لحمايتهم إلا بعدما يمرون بسلسلة من ألوان التعذيب الذي يؤدي بهم للموت أو لمراحل مقاربة لإزهاق أرواحهم البريئة. ولكن هناك أيضاً نماذج قوية من المطلقات تسعى بكل ما أوتيت من قوة لكي تفوز برعاية أطفالها وتربيتهم في جو أسري آمن مقابل تحمّلها لمسؤوليتهم كاملة، وينفذ الأب السلبي بحياته الخاصة ولا يكسبون منه سوى اسمه الذي يحملونه فقط ! والمعالجة الحقيقية لهذا الأمر لا تتوقف عند المطالبة بإعداد أنظمة لحماية المتعرضين للأذى من نساء وأطفال فقط، أو الاستعانة بدراسات سابقة لتعريف العنف من خلال وسطنا الاجتماعي والثقافي، لأن الأذى بأنواعه لا نختلف على آثاره ونتائجه، أو التعدد في لجان الحماية ومراكزها في الجهات المباشرة كمثل وزارات الشؤون الاجتماعية والصحة والتربية، لأن جميع تلك الجهود سيكون مصيرها الفشل ما لم تكن تحت مظلة جهة تسعى للعدل وإعطاء كل ذي حق حقه، جهة تتمتع بكامل الحرية في إصدار القرارات وتنفيذ الأنظمة بما يكفل العدل للأطراف المتضررة وتشيع ثقافة التسامح، والاحتواء بين أفراد المجتمع من موقع المسؤول حتى موقع المواطن المحتاج لتلك الخدمة الإنسانية، خاصة عندما كشف وزير العدل عن استعانتهم بخبيرات في المجال الاجتماعي والأسري في مكاتب الصلح في المحاكم خلال لقاء الخبراء الثاني الذي نظمه برنامج الأمان الأسري بالرياض هذا الأسبوع.