تمكن القاضي خليفة التميمي بمحكمة محافظة عنيزة – جزاه الله خيراً – من تزويج فتاتين سعوديتين لمواطن ومقيم بعدما رفض ولياهما تزويجهما، وقال محامي الفتاتين منصور الجطيلي \"إن الفتاتين دخلتا سن العنوسة بسبب \"عضل\" ولييهما لهما وعزا ذلك إلى أسباب غير شرعية مثل \"الطمع\"، وحث الجطيلي الخطباء والدعاة على القيام بواجبهم من خلال توضيح مخاطر العضل وأن العاضل لا كرامة له وظالم شرعاً\". وقد تأملت في \"الطمع\" الذي أشار إليه المحامي، وفسرته بأنه \"راتب البنت\" التي قد تكون معلمة – غالباً – أو موظفة، ويجد فيها وليها مصدر دخل لا يمكن التفريط فيه، على اعتبار أن هذه \"البنت الموظفة\" أحد أملاكه التي من حقه أن يستثمرها بالصورة التي يراها مناسبة. ومع أن هذا الأمر مرفوض شرعاً وعقلاً، إلا أنه موجود، وربما شائع في بعض نواحي مجتمعنا السعودي، فقد قرأت منذ فترة قريبة قصة لمحاضرة في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة أضربت عن الطعام لأن والدها مصرّ على عدم تزويجها، وأخرى \"معلمة في عسير استغاثت بالقاضي لإنقاذها من تطفيش والدها للعرسان، والسبب في الحالتين هو الراتب، أو استثمار الفتاتين الموظفتين. إنني أعرف أن هناك معلمات وموظفات \"متزوجات\" محرومات تماماً من رواتبهن، إذ يصرّ آباؤهن أو أزواجهن على مصادرتها بالكامل، وهن مستسلمات وصابرات، ومع أنني أعتقد أن هؤلاء الآباء والأزواج \"الطماعين\" هم – أيضاً – لا كرامة لهم، وظالمون شرعاً، إلا أنهم يظلون أقل \"غلظة\" من الأولياء \"العاضلين\" لأن الأخيرين يحرمون الفتاة من الراتب ومن الزواج. فتاتا \"عنيزة\" وربما فتاة \"عسير\" نجحن في تجاوز كارثة \"العضل\" بفضل القضاة، لكن الغالبية من \"المعضولات\" لم ولن يفعلن لأسباب اجتماعية لا تخفى، ولهذا فإن التعويل على توعية الخطباء والدعاة – على الرغم من أهميتها – لا يكفي، فقلوب هؤلاء \"العاضلين\" قدّت من حجارة، ولا بد لهذه الحجارة من \"فأس\" نظامية تعلمها أن هؤلاء البنات لسن أملاكاً للاستثمار، أما ماهية هذا النظام فأعتقد أن مجلس الشورى قادر على وضعها بصورة تمكن الفتيات المعضولات من تجاوز عقدة الخجل أو الخوف من الوصول بقضاياهن إلى القضاة، كما تحميهن من التبعات الاجتماعية والشرعية المتوقعة من الظالمين الذين لا كرامة لهم، فهؤلاء ليسوا بشراً، إنهم أدنى من البهائم، لأن حتى البهائم تحترم الغرائز الفطرية للمخلوقات.