من أجل خطوات صحيحة على الطريق أكتب هذا المقال تزامناً مع إنطلاق صفحة : "خطوات على الطريق" التي خصصتها : "صحيفة شبرقة الإلكترونية" لنشر الكتابات التي لم تكتمل فيها شروط النشر لأسباب منها كون أصحابها يخطون خطواتهم الأولى في طريق الألف ميل ، وهو ولا شك طريق طويل وشاق ، ولكن السير عليه بإقتدار وتمكن ليس بالأمر الصعب ولا المستحيل ، فبالصبر والمثابرة والإستمرار يصل الإنسان إلى مبتغاه بإذن الله وقديماً قيل : "من جد وجد .. ومن سار على الدرب وصل" وأهم ما يحتاجه الإنسان في هذه المرحلة هو فرصة النشر ، إذ أكثر ما يحبط المبتدئين ، ويحرمهم من ممارسة هذه الهواية الممتعة ، ويأد المواهب في مهدها ، هو قلّة فرص النشر ، وبالتالي قلَّة فرص الإحتكاك بما يلزمه من إكتساب الثقة في النفس من خلال الممارسة العلنية ، وتتبع صدى ما يكتب والتفاعل معه بما يخدم موهبته ، ويحقق الخبرات التراكمية اللازمة لنضج تجربته ولذلك فإن "صحيفة شبرقه الألكترونية" تقدم لهؤلاء الأحبة هذه الفرصة على طبق من ذهب - إذا صح التعبير - وعليهم إغتنامها ، والعمل على الإستفادة منها إلى أقصى حد إذا هبت رياحك فأغتنمها=فإن لكل سانحة سكون ولا تغفل عن الاحسان فيها=فما تدري السكون متى يكون ثم تأتي بعد ذلك مرحلة الرعاية بالمتابعة والتوجيه وإسداء النصح لكبح جماح النفس نحو الغرور في حال تحقيق النجاح وسماع الثناء وعبارات الإعجاب وتزايد فرص النشر من ناحية ، ومن ناحية أخرى ضمان الحماية من الإحباط ، في حال تعثر الخطوات ، لأي سبب من الأسباب وما أكثرها ومن أهمها إن لم يكن أهمها على الإطلاق عدم توفر فرص النشر بصفة مستمرة وهذا ما تحاول "صحيفة شبرقة الإلكترونية" توفيره للشباب ، وأعني به جانب الرعاية والتوجيه المقنن الهادف ، ويتمثل ذلك في مطالبتها لكتَّابها بمتابعة خطوات الشباب في صفحة : "خطوات على الطريق" وتقديم ما يحتاجون إليه من دعم ورعاية ونحن بدورنا - وأعني كل مقتدر هنا – لن ندخر وسعاً ، ولن نبخل بأي جهد يمكن أن يسهم في تحقق تلك الغايات النبيلة ، على أننا لن نحرص في سبيل ذلك على ممارس الأستاذية المفرطة ، ولن نتنافس في إستعراض القدرات والملكات ، ولن نتباري في التقعر في الكلمات والعبارات .. فما نحن هنا إلا إخوة ، فكلنا لا نعدو أن نكون أبناء عمومة ، أو أبناء خؤولة ، أو زملاء حرف ، وعلى من يخطو خطواته الأولى هنا أن يعلم يقيناً لا يخالطه شك أن ما نقوم به هنا ، إنما هو ما يقوم به شخص قد سبق إلى مكان مرتفع ثم مد يده لأخٍ له ليأخذ بيده ويرفعه إلى المكان الذي هو فيه ، حباً له ، ورغبة في نجاحة وفلاحة ، وأنساً بجواره ، وفي مستقبل الأيام قد يصعد المسبوق إلى مكان أكثر علواً فيمد يده ليأخذ بيد (السابق) الذي أخذ بيده بالأمس فيرفعه إليه ، وهكذا دواليك ، وهكذا هي الحياة أخذ وعطاء ، فلا الذي تقدم يظل في المقدمة دوماً ، ولا الذي تأخر يظل متأخراً على الدوام ، فتبادل الأدوار موجود بشكل أو بآخر. ولذلك ، فإن ضيق المبتدء أو الأقل خبره ، أو من يخوض تجربة جديدة ، وتبرمه من النقد والتوجيه والرعاية والمتابعة ممن سبقوه ، إنما يفقده فرص الإستفادة من خبراتهم وتجاربهم ونتائج محاولات الفشل والنجاح في حياتهم ، وبدأت بالفشل لأنه أساس النجاح ، وهو القواعد التي تُستخلص منها العبر وتُكوَّنُ منها التجارب ، ويُبنى عليها النجاح الذي يمكن أن يدوم بإذن الله ، ويزداد مع الأيام . وعلى المبتدء أن يتأكد أن النقد البناء الهادف ، والرأي الصادق ، والتوجيه السليم ، والمتابعة الدائمة ، والرعاية اللصيقة ، إذا أحسن المرء التعامل معها بالقبول الحسن ، والصدر الرحب ، وأستثمرها كما ينبغي فسيشتد بها عوده ، ويقوى بنيانه ، ويستقيم بيانه ، وسيساهم ذلك في نضج تجربته ، وصقل موهبته ، بل أننا رأينا وسمعنا وعاصرنا ، من تعرض للنقد اللاذع المغرض ، والرأي المجحف ، ومتابعة العثرات ، وإبراز السقطات ، فتعامل معها بذكاء مفرط ، وتقبلها بصدر رحب ، وأستثمرها بعكس ما كان يريد له أصحابها من إحباط وتثبيط ، فأنارت له زوايا معتمة في تجربته ، ونقائص كبيرة في موهبته ربما لم يرد المحبون له الإشارة إليها إشفاقاً عليه ، فلما علم بها من المغرضين ، وتعامل معها بثقة نفس وذكاء وفطنة ساهمت في سرعة صقل موهبته ، ونضج تجربته ، وسرعة تشييد بناءه وتكوينه الإبداعي . وليس هذا خاص بالكاتب فحسب ، بل هكذا هو الإنسان عموماً لو أحسن التعامل مع ما يتناها إلى مسامعه من نقد محب أو سخرية كاره ، وأخذ في تتبع نقائصه وعيوبه في نظر الآخرين وقوم إعوجاجه ، فإنه سيصل بإذن الله إلى قلوبهم ، ويستحوذ عل حب و رضا أغلب الناس ، إذا ما علمنا أن إرضاء الناس أجمعين غايةٌ لن تُدرك طبعا أنا لا أطالب أن يكون المبتدء كذلك في كل لحظة وثانية من حياته ، ولا مع كل ما يسمع ويقرأ من نقد ، فلا أريد أن يخرج المرء عن بشريته وإنسانيته ويتحول إلى ملاك ، فهذا مستحيل ، وليس من العقل أن أطلب منه ما يستحيل على البشر فعله ، ولكن ما أقصده أن يكون المبتدء كذلك في الأعم الأغلب من ردود فعله وإنفعالاته .. وإلا فإن الإنسان يغضب من الكلمة الجراحة ، وقد يعتب على صاحب الكلمة القاسية ، وقد ينفر من صاحب الرأي الجافي المجحف ، وهذه طبيعة إنسانية لا مرية في وجودها فينا جميعاً . ولكن ليُعلم أن القسوة والسخرية والإجحاف قد ينتج عنها نص إبداعي في غاية الروعة ، بينما قد يتسبب المديح والإعجاب في التوقف عن الكتابة حيرةً وحذراً من السقوط فإذا تعامل الإنسان مع الموقف الأول بواقعية وثقه بالنفس ، وإيمان بالله ثم بموهبته وقدراته ، إستلزم ذلك منه التحدي ، والعمل على إثبات الذات ، فشحذ همته بما يفجر طاقاته الإبداعية بما لا يتوقعه أحياناً بينما التعامل مع الموقف الثاني بحساسية وخوف من فقدان الثناء أو الوقوع فيما يسبب القدح بعد المدح ، قد يؤدي به إلى إغفال موهبته ، ونسيان قدراته ، والعمل ليس على أساس ما يملك من موهبة وقدرات بل بما لطمح أن يرضي بهِ الآخرين ، وفي هذا أعظم خسارة له ولا شك . هذا ما أحببت أن أبينه لكل من يُنشر له في "خطوات على الطريق" لأن فهم هذا الأمر وإدراكه أهم عندي في البداية من أي توجيه آخر أونقد أو رؤية تحليلية للنص. ثم إن أهم ما يصقل الموهبة ، وينمي الملكة ، وينضج التجربة ، ويعين الكاتب على التمكن من أدواته هو كثرة القراءة في كل فن ، والإكثار منها في الفن الذي يهواه ، وينوي خوض غمار تجربة الكتابة فيه من مقال ، أو خاطرة ، أوقصة ، أو رواية ، كما يلزمه الإطلاع من خلال القراءة الجادة على تجارب الآخرين في مختلف مراحل حياتهم ، وعليه في البداية حفظ الكثير من الصيغ والتراكيب ، وعلية الإعتناء بلغته والعمل على تصحيحها وتقويمها وتقويتها ، ثم عليه الإستفادة من كل ذلك ألى أقصى قدر ممكن ، وفي حال كون موهبته شعرية فيلزمه بالإضافة لكل ما سبق حفظ الكثير من الشعر ، ومن الوصايا القديمة التي كثير ما قرأنا في كتب الأقديم مراراً وتكراراً الحث عليها ، والإشادة بأصحابها هي حُسن الخط وجمالة ، هذه الصفة التي أرى – شخصياً – أنها قد فقدت أهميتها – إلى حد ما - بوجود الحاسب الآلي بإستخداماته المختلفة ، ولكن مامن شك أن حسن وجمال الخط تظل صفة مميزة وقدرة فائقة أرى أن من تمكن منها يعتبر ذو حظ عظيم . [email protected] ******************************* *أحد أبناء قرية شبرقة ، يعيش في مكةالمكرمة ، له مشاركات صحفية ومقالية غير منتظمة في صحيفة "المدينة" إقرأ للكاتب أيضاً : ------------------- *وللذكريات أبعادٌ أخرى (2) *وللذكريات أبعادٌ أخرى (1) *سعودية الهوى .. جنوبية المكان