أنهى وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، مساء الثلاثاء زيارة استمرت عدة ساعات للرياض، قام خلالها بتسليم رسالة للعاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، من الرئيس السوري، بشار الأسد، في تطور جديد على خط عودة الحيوية إلى العلاقات بين البلدين بعد سنوات من الفتور الذي وصل حد الخلاف العلني. وفي وقت كان فيه المعلم في الرياض، كان الأسد يجتمع في دمشق إلى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر، الذي قام بزيارة قصيرة إلى دمشق، قالت وكالة الأنباء السورية أنها تطرقت إلى "آخر التطورات في المنطقة وخاصة في الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث تم التأكيد على ضرورة تضافر جميع الجهود من اجل تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية." ولفتت الوكالة إلى أن الأسد والشيخ حمد "أكدا عزمهما على الاستمرار ببذل كل الجهود الممكنة لتحقيق التضامن العربي وتكريسه بما يمكن من حماية مصالح الشعوب العربية وحقوقها ومناقشة الخطوات التي يتوجب القيام بها قبل القمة العربية المقبلة في الدوحة." وكانت العلاقات العربية - العربية، وخاصة السورية السعودية، قد شهدت تحقيق اختراق مؤخراً على خط الخلاف المستحكم منذ 2006، بعد المصالحة التي تمت بالكويت الشهر المنصرم بين الأسد والعاهل السعودي، والرئيس المصري، حسني مبارك، والشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وبدأت الجهود الرامية لرأب الصدع بالزيارة التي قام بها الأمير مقرن بن عبد العزيز، رئيس الاستخبارات السعودية، لسوريا في 15 فبراير/شباط الجاري، حيث قالت مصادر سورية إنه حمل رسالة شددت على "أهمية التنسيق والتشاور بين الجانبين لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين والشعوب العربية." وسبق وصول الأمير السعودي إلى دمشق تسرب أنباء عن وسائل إعلام مقربة من الرياض، تشير إلى زيارة وفد أمني سوري رفيع المستوى إلى الرياض، دون أن تتضح طبيعة الزيارة وأهدافها. وبعد ذلك بيوم واحد، وصل الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، إلى الرياض، حيث اجتمع إلى الأسد، ليقول بعد ذلك للصحفيين، إن "الموقف في العالم العربي خطير جداً،" وأن المصلحة العربية "في موقف دفاعي"، داعياً إلى العمل لحل هذه الخلافات ووقف التراجع. ويشار إلى أن السعودية كانت ترتبط بعلاقات جيدة مع سوريا في حقبة الرئيس الراحل حافظ الأسد، غير أن الأمور بدأت بالتبدل مع وصول نجله بشار للسلطة، خاصة بعد أن أخذ الأخير مواقف متشددة حيال قوى تدعمها الرياض في لبنان، خلال الفترة التي كانت قواته في ذلك البلد، إلى جانب تشديد علاقاته مع طهران. وتصاعد الخلاف بين الطرفين بعد الرابع عشر من فبراير/ شباط 2005، عندما تعرض حليف أساسي للرياض في لبنان، رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، للاغتيال في بيروت، في عملية وجهت خلالها بعض القوى اللبنانية أصابع الاتهام فيها لدمشق، التي نفت ذلك بشدة. وظلت الأمور على توترها بين الطرفين، إلى أن بلغ الخلاف ذروته خلال معارك يوليو/ تموز بين حزب الله وإسرائيل، حيث وجهّت الرياض لوماً شديداً للحزب لتسببه بالمواجهات، مما دفع الأسد بعد انتهاء المعارك إلى إلقاء خطاب وصف فيه الذين عارضوا ما جرى بأنهم "أشباه رجال"، الأمر الذي مثل ذروة النزاع بين الطرفين. وبحسب خبراء فأن الرياض ترغب في أن ترى تبدلاً بالموقف السوري حيال التحالف الاستراتيجي مع إيران، والوضع في لبنان والعراق والساحة الفلسطينية.