مع تزايد اهتمام العالم بالتجارب النووية الإيرانية، ينتقل تعبير "تخصيب اليورانيوم،" من قائمة المصطلحات العلمية، إلى قاموس المفردات السياسية، مع تطور قلق الدول الغربية من إمكانية حيازة طهران لسلاح نووي. لكن ما هو اليورانيوم، وماذا يعني تخصيبه؟ وهل تقود عملية التخصيب تلك بمستويات معنية إلى تصنيع وإنتاج قنبلة نووية، تبرر قلق الدول الغربية من طموح الجمهورية الإسلامية النووي؟ فعملية التخصيب في حد ذاتها، هي عبارة عن عدة إجراءات كيميائية معقدة، للخروج بعنصر ما أكثر إشباعا وتركيزا. فعزل نظائر معينة من اليورانيوم الطبيعي الموجود في الأرض، يؤدي للحصول على يورانيوم مخصب، أي أكثر إشباعا. وتم تخصيب اليورانيوم للمرة الأولى في الولاياتالمتحدة عقب الحرب العالمية الثانية، إذ بنيت ثلاثة مفاعلات نووية في أوهايو وتينيسي وكنتاكي، علما أنها (الحكومة الأمريكية) تمتلك الآن يورانيوم مخصب من النوع العالي الخصوبة بنسبة 90 في المائة. وعملية التخصيب معقدة ومكلفة، إذ أن النظائر التي يراد إزالتها من اليورانيوم شبيهة جدا بالنظائر المرغوبة. وتتم عملية التخصيب باستخدام الحرارة عبر سائل أو غاز، وهناك طرق أخرى أكثر تعقيدا كاستعمال الليزر أو الأشعة الكهرومغناطيسية، وفقا للمعهد البريطاني للنظائر. وبحسب المعهد، فإن هناك ثلاثة مستويات من اليورانيوم المخصب، الأول اليورانيوم ذو الخصوبة العالية، ويحتوي على 20 في المائة من عنصر يورانيوم 235، والثاني ذو الخصوبة المنخفضة، ويحتوي على اقل من 20 في المائة، أما الثالث فهو يورانيوم ذو خصوبة محدودة، ويحتوي على 0.9 في المائة من العنصر ذاته. ووفقا لأبحاث المعهد البريطاني، فإن عملية التخصيب لا تشكل بحد ذاتها عاملا في تحديد الاستخدامات السلمية أو غير السلمية لأي برنامج نووي، وإنما نسبة التخصيب، التي إن كانت عالية، فإن العنصر المخصب يصلح استخدامه كوقود نووي أو في صنع قلب القنبلة النووية. ولكي تحصل على طاقة كهربائية من عنصر اليورانيوم، فإن عليك زيادة تركيزه أو "تخصيبه" بنسبة تتراوح بين ثلاثة وخمسة في المائة، أما الحصول على ما يعرف باليورانيوم النقي المثالي لإنتاج قنبلة نووية، فيلزم معه التخصيب بنسبة 80 في المائة. ومع إعلان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن بلاده بإمكانها تخصيب اليورانيوم إلى درجات نقاء تزيد على 80 بالمائة، تتزايد مخاوف الدول الغربية، آخذين بعين الاعتبار أن هذه هي المستويات المطلوبة لإنتاج القنابل النووية. ومخاوف العالم نابعة من أن الصعوبة في عملية التخصيب تتمثل في الوصول إلى نسبة 3.5 في المائة من نوع "اليورانيوم المخصب 235"، لكن بعد ذلك تصبح عملية زيادة النقاء إلى 20 أو 80 في المائة سهلة، وهو ما وصلت له إيران بالفعل. لكن التحدي الرئيسي أمام أي دولة تريد صناعة قنبلة نووية، هو معرفة تحول اليورانيوم عالي النقاء إلى سلاح نووي، وهي تقنية متقدمة جدا، يشك كثير من الخبراء في امتلاك طهران لها، لكنهم لا يستبعدون حصولها عليها في غضون 3 إلى 4 سنوات، بعد الانتهاء من التخصيب.