توالت حالات اختفاء الأطفال الفلسطينيين في غزة خلال الأيام الأخيرة ليتم العثور عليهم في آخر المطاف وهم يعملون في الأنفاق المنتشرة على الحدود المصرية- الفلسطينية ، جنوب قطاع غزة ، حيث تسيطر حركة حماس على القطاع المحاصر منذ زهاء الثلاثة أعوام .. وقد أصدرت وحده البحث الميداني في الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون تحقيقها الأول حول عماله الأطفال الفلسطينيين داخل الأنفاق, وقد خلص التحقيق إلى مجموعة من النتائج أهمها : الأطفال الفلسطينيين يعملون في نقل البضائع التجارية داخل نفق ضيق يصل طوله إلى أكثر من 700 متر وبعمق أكثر من 12 مترا تحت سطح الأرض، مسترشدين بإنارة متواضعة كل عشرة أمتار على طول النفق, ويعمل الأطفال في الأنفاق بمعدل 12 ساعة يومياً (من 7:00 صباحاً – 7:00 مساءً) وفي الأسبوع الذي يليه يتناوب الأطفال فيصبح العمل ليلاً من (7:00 مساءً- 7:00 صباحاً) يتخلل ذلك استراحة واحدة مدتها ساعة، وهذا العمل المرهق والمجهد للطفل يدفع بعض الأطفال إلى تناول أقراص منشطة معروفة هنا في غزة باسم "ترامال" وهي تساعد الأطفال على نسيان الألم وتنشيط أجسامهم، وفي نفس الوقت تنطوي على مضاعفات جانبية خطيرة لهم, والأطفال يعملون خلال هذه الفترة في نقل البضائع التجارية من جميع الأصناف . وبين التحقيق أن التحصيل العلمي لمعظم عمال الأنفاق هي المرحلة الإعدادية، وأن نسبة كبيرة منهم منقطع عن الدراسة، وأن هناك نسبة قليلة جداً قامت بالتوفيق بين العمل والدراسة.. كما وظهر أن معظمهم قد بدأ بالعمل في فترة تتراوح ما بين (1-2) عام، وتعود أسباب لجوء هذه الفئة للعمل داخل الأنفاق سوء الحالة الاقتصادية, ونرى أن معظم هؤلاء العمال غير متخوفين من هذا العمل بالرغم من أن عدد الضحايا الأطفال الذين قتلوا داخل الأنفاق 32 طفلاً منذ بدء العمل في هذه الأنفاق قبل ثلاث سنوات بحسب إحصائيات مستشفيات جنوب قطاع غزة ، علما أن عدد ضحايا انهيار الأنفاق بلغ حوالي 130 فلسطينيا فيما أصيب مئات آخرون خلال السنوات الثلاثة ، جراء انهيار الأنفاق تحت الأرضية. وبحسب أراء الأطفال أفادوا بأن حجم الطفل مناسب للعمل في الأنفاق أكثر من غيره نظراً لأنه يستطيع الحركة داخل النفق بصورة أفضل بسبب صغر جسمه، وكذلك فإن الأجرة التي يتقاضاها الأطفال من العمال أن العائد المالي من هذا العمل يقوم بسد احتياجاتهم الشخصية لحد ما حيث أنه يتراوح ما بين (50-200) شيكل يومياً ما يعادل (13 دولار – 5 دولارات ) ومعظمهم يطمح لمواصلة العمل للتغلب على سوء المعيشة، وأن معظمهم يساعد في إعالة أفراد أسرتهم على الرغم من عدم موافقتهم على هذا العمل، إلا أن انعدام الدخل الأسري يجبرهم على الاستمرار في هذا العمل، ومن الظاهر أن مستوى تعليم الأب لهذه الفئة هو المستوى الإعدادي والنسبة كانت متساوية في عمل الأب من عدمه، في حين أن مستوى تعليم الأم هو المستوى الثانوي وأن جميعهن غير عاملات (ربات بيوت). ومن توصيات مخرجات وحدة البحث أن هناك استغلال سيء للأطفال الفلسطينيين من قبل ملاك الأنفاق للأطفال، مستغلين صغر حجم أجسادهم، وقلة الأجور التي يتقاضونها مقارنة بالبالغين, وهناك استهتار شديد من قبل الأهل الذي يدفعون أبنائهم للعمل في الأنفاق رغم معرفتهم المسبقة لمخاطر هذا المهنة, و تقاعس واضح من قبل الجهات المعنية في منع مثل هذه الظاهرة التي يجرمها القانون الأساسي الفلسطيني و من قبل منظمات حقوق الإنسان في التصدي لتلك الظاهرة الآخذة في الانتشار. وطالب الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون بإخراج أطفال غزة من السراديب المظلمة، وإعادتهم على نور العلم من جديد وتأهيل من يعانون منهم من مشاكل سلوكية ونفسية، أو من أدمنوا على تعاطي بعض أنواع العقاقير المخدرة, كما تدعو الجمعية منظمات حقوق الإنسان، والمؤسسات والجمعيات المعنية بحقوق الطفل بمساندتها لتشكيل لوبي ضاغط، يضمن إنهاء تلك الظاهرة. وتنظر الجمعية بخطورة بالغة لزيادة عدد ضحايا الأنفاق و خاصة الأطفال, مطالبة الجمعية المجتمع الدولي بالتدخل لرفع الحصار عن قطاع غزة و فتح كافة المعابر التجارية , و إدخال كافة السلع البضائع , و هو الأمر الذي سيؤدي إلى إغلاق الأنفاق تلقائياَ . الأمن المصري يُدمر 467 نفقا من أصل 1600 هذا وفي إطار الحملة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية المصرية لضبط الحدود بين مصر وغزة كشفت مصادر أمنية مصرية عن ضبط وتدمير قرابة 467 نفقا هذا العام فقط، حيث تنتشر الأنفاق على الحدود، وتقدر المصادر المحلية الفلسطينية بأن عددها يتجاوز 1600 نفق. ومن المقرر أن تقيم محافظة شمال سيناء مزادا علنيا كبيرا بمدينة العريش، لبيع البضائع التي تم ضبطها بمخازن على الحدود برفح، والمفترض تهريبها إلى قطاع غزة عبر الإنفاق والتي تم ضبطها بجوار فتحات الأنفاق.. وقدرت البضائع المضبوطة خلال الآونة الأخيرة بأكثر من مليوني دولار .