قال رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي يوم الثلاثاء انه استقال من منصبه بعد اعلانه الفشل في تكوين حكومة غير سياسية معمقا بذلك الازمة السياسية التي هزت البلاد بعد مقتل زعيم معارض في وقت سابق هذا الشهر. وقال الجبالي في مؤتمر صحفي بعد لقائه مع رئيس الجمهورية "قدمت لرئيس الجمهورية استقالتي." وكان الجبالي قال يوم الاثنين ان الاحزاب الرئيسية فشلت في التوصل الى اتفاق لتشكيل حكومة كفاءات. وقال "الثورة يجب ان تبقى ..الدولة يجب ان تبقى." ودعا المسؤولين في البلاد الى خدمة الشعب. وكان اغتيال شكري بلعيد هذا الشهر وهو أول اغتيال سياسي في تونس منذ عقود قد أدى إلى انزلاق الحكومة والبلاد إلى حالة من الاضطراب السياسي واتساع فجوة الخلافات بين حركة النهضة الإسلامية التي تقود الحكومة وخصومها العلمانيين. وبعد اغتيال بلعيد تعهد الجبالي بتشكيل حكومة كفاءات غير حزبية لإدارة البلاد لحين إجراء انتخابات رغم اعتراضات من داخل حركة النهضة التي ينتمي إليها ومن شريكيها الصغيرين غير الإسلاميين في الائتلاف الحاكم لعدم استشارتهم في هذه الخطوة. وهدد الجبالي في وقت سابق بالاستقالة اذا فشلت مبادرته. وقال يوم الثلاثاء " تعهدت بتقديم استقالتي اذا فشلت مبادرتي وفعلت هذا." واضاف "لن انخرط في اي عملية سياسية مقبلة اخرى لا تحدد تاريخ الانتخابات وتاريخ الانتهاء من كتابة الدستور". وتأتي استقالة الجبالي بعد 15 شهرا من تعيينه رئيسا للوزراء بعد فوز حزبه في اول انتخابات حرة والتي اجريت عام 2011 عقب الثورة التي اطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي وفجرت الربيع العربي. ومن المنتظر ان يعين رئيس الجمهورية مسؤولا اخر لتشكيل حكومة. ويتوقع ان يكون رئيس الوزراء المقبل ايضا من حركة النهضة الفائزة في الانتخابات الاخيرة. وقال راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة ان حزبه يرفض مقترح الجبالي ويؤيد فكرة حكومة ائتلاف تضم ايضا كفاءات. واضاف لرويترز "اي حكم مستقر يحتاج الى ائتلاف بين العلمانيين المعتدلين والاسلاميين المعتدلين" معتبرا ان النهضة مستعدة للتفاوض حول كل الوزارات السيادية. وقال خبراء قانون انه يتوقع ان يبقى الجبالي على رأس حكومة تصريف أعمال حتى يتم تعيين حكومة جديدة خلال اسبوعين. وقال قيس سعيد استاذ القانون انه يتوقع ان يكون رئيس الحكومة المقبل من حزب النهضة الذي يهيمن على اغلب المقاعد في البرلمان. وقال اياد الدهماني القيادي في الحزب الجمهوري المعارض "نحن اليوم في مأزق حقيقي على المستوى السياسي والاقتصادي... يجب ان نصل لاتفاق باقرب وقت." وقد تلحق حالة عدم اليقين السياسي واضطرابات الشوارع ضررا بالاقتصاد التونسي الذي يعتمد على السياحة. وكانت البطالة ومظالم اقتصادية اخرى احد اسباب اشتعال الانتفاضة التي أطاحت بزين العابدين بن علي في 2011. وقالت مؤسسة ستاندرد اند بورز يوم الثلاثاء إنها خفضت تصنيف تونس الائتماني السيادي طويل الأجل بالعملتين الأجنبية والمحلية إلى *BB- من *BB. وعزت المؤسسة تخفيض التصنيف إلى "احتمال تدهور الوضع السياسي في ظل آفاق مالية وخارجية واقتصادية تزداد سوءا." وزاد التوتر بين العلمانيين والاسلاميين في تونس منذ وصول حركة النهضة للحكم في نهاية 2011. وسارت عملية الانتقال السياسي في تونس بشكل أكثر سلمية منها في دول عربية أخرى مثل مصر وليبيا وسوريا لكن التوتر يتصاعد بين الإسلاميين الذين اوصلتهم الانتخابات الي السلطة والليبراليين الذين يخشون فقدان حريات اكتسبت بشق الانفس .