كشف الباحث في الشئون الشرعيه و القانونية مفلح بن حمود الأشجعي في حديث له مع (شرق) حول الحادث الذي تعرض له خمسة شباب من طريف ولقوا حتفهم فيه بسبب اصطدام سيارتهم في صهريج لنقل الماء تابع لبلدية طريف ويقود الصهريج وافد مصري لايملك رخصة قيادة وتجبره البلديه " حسب ادعائه " بقيادة الصهريج وهو غير مؤهل لذلك حيث علق الاشجعي قائلاً : "الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد : هز وجداننا الحادث الأليم الذي راح ضحيته أربعة شبان من أخواننا وهم في طريقهم إلى المعهد المهني في طريف ، وإننا إذ نشارك ذوي المتوفين أحزانهم فإننا نسأل المولى القدير أن يرحم المتوفين وأن يتغمدهم بواسع رحمته أنه سميع عليم. أما عن الرأي الشرعي والقانوني للقضية ومن خلال القراءة المبدئية لما بين السطور أقول وبالله التوفيق : 1- الأصل أن سائق السيارة مسئول عن كل ما يحدث بسيارته خلال سيره بها ، ومن أسباب الضمان شرعا : عقد ، ويد ، وإتلاف، وتنحصر المسئولية في الغالب بين ما يعرف فقها وقانونا بين ( المباشر ، والمتسبب ) فالمباشر هو: من يحصل التلف بفعله من غير أن يتخلل بين فعله والتلف فعل مختار وهو هنا ( سائق الوايت ) ، أما المتسبب فهو : من يصدر عنه من الأفعال ما كان طريقا لتلف مال أو نفس أو عضو وهو هنا ( المسئول المعني في بلدية طريف ) والمباشر ضامن وإن لم يكن متعديا ، أما المتسبب يكون ضامنا إن كان متعديا فإذا كان السائق متعديا في سيره بزيادة سرعة أو مخالفة لقواعد المرور فيكون ضامنا لأن الضرر نشأ بتعديه ،والتعدي هو الفعل المحظور وقد يكون صدر من كلا الطرفين ( المباشر والمتسبب ). 2- تعفى بلدية طريف من المسئولية بشكل تام إذا قامت بإثبات أنها مكنت السائق من قيادة الوايت بشكل يتطابق مع أنظمة وقوانين المرور السائدة في المملكة وأن السائق يحمل رخصة قيادة واجتاز جميع الفحوصات والاختبارات المرورية اللازمة لقيادة المركبات الثقيلة ، أما في حال العكس فعلى عاتق البلدية الجانب الأكبر من المسئولية استنادا إلى القاعدة القانونية التي تقول : ( المتبوع "أي البلدية" يسأل عن تعويض الضرر الذي يحدثه تابعه "أي السائق" بعمله غير المشروع متى وقع منهأثناء تأدية أعمال وظيفته أو بسببها ) ، وبشرط أيضا أن تثبت البلدية أنها تقوم بالدور الرقابي والإشرافي فعلاقة التبعية تقوم علي عنصرين هما: عنصر السلطة الفعلية وعنصر الرقابة والتوجيه. 3- تترتب على البلدية في ( حال عجزها عن إثبات ما ذكر بعاليه ) ما يعرف قانونا " بالمسئولية التقصيرية " التي تقوم على أركان ثلاثة: ( الخطأ والضرر وعلاقة السببية) ، لأنها البلدية هنا أخطأت في تمكين السائق من قيادة الوايت ترتب عليه ضرر الوفاة للشبان الأربعة بواسطة الوايت. 4- إذا تورطت البلدية وعجزت عن تبرئة ساحتها تكون قد ارتكبت خطأ فاحش موجب للضمان والتعويض المادي والمعنوي ، فالخطأ الفاحش لا يحدث إلا نتيجة إهمال ورعونة ولامبالاة بحق الغير وحتى لو أدعت البلدية بأي حال من الأحوال أنها مارست حقها في تمكين السائق من قيادة الوايت فلا يؤخذ بادعائها لأنها هنا تعد متعسفة في استعمال حقها ، والتعسف الذي ينتج عنه ضرر أيا كان هذا الضرر فعلى المتعدي الضمان لا محالة . 5- حتى تتم المطالبة بالقصاص من السائق يجب أن يثبت وبالدليل القاطع القصد الجرمي من أي طرف. 6- تحتاج هذه القضية للنظر فيها على الوجه الشرعي إلى قاض محنك ومحترف لديه فقه نافذ للتعامل والتعاطي معها ويعي جيدا أن المباشر والمتسبب صدر منهم ظلم غيرهم وبالتالي فمن ضمانات العدالة في الفقه الإسلامي إزالة الظلم الذي يقع على أي من الخصمين " .