اشتبك معارضو وأنصار الرئيس المصري محمد مرسي في القاهرة يوم الجمعة مما أسفر عن إصابة 110 أشخاص في أول أعمال عنف بالشوارع بين الجماعات المتنافسة منذ تولى الرئيس الإسلامي السلطة. وتبادل الإسلاميون ومعارضوهم القذف بالحجارة والزجاجات والقنابل الحارقة واشتبك البعض بالأيدي الأمر الذي يظهر مدى استمرار التوتر بين الجماعات المتنافسة التي تحاول تشكيل مصر الجديدة بعد عقود من الحكم الاستبدادي رغم أن الشوارع كانت أهدأ عموما منذ انتخاب مرسي في يونيو حزيران. وقالت وزارة الصحة المصرية إن 110 أشخاص أصيبوا بإصابات طفيفة إلى متوسطة في ميدان التحرير بؤرة الانتفاضة التي أسقطت الرئيس السابق حسني مبارك مطلع العام الماضي. ووقعت اشتباكات في شوارع جانبية خلال كر وفر بين الجانبين اللذين تبادلا السيطرة على أجزاء من الميدان مرة بعد أخرى. وتداخل الجانبان في الميدان أحيانا في الأوقات التي لم تشهد اشتباكات. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن محمد سلطان رئيس هيئة إسعاف مصر إن المصابين نقلوا الى عدد من مستشفيات القاهرة للعلاج وإن عشرات منهم غادروها لاحقا. وهتف معارضو مرسي "يسقط يسقط حكم المرشد" في إشارة إلى المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع. ورد مؤيدو مرسي وأخذوا يهتفون "مرسي مرسي". وقال مرسي إنه حقق إنجازات بنسب متفاوتة في المئة يوم الأولى من رئاسته لكن مصريين كثيرين قالوا إنهم لم يلمسوا تحقيق الكثير من وعوده. ووعد مرسي قبل انتخابه بمعاقبة قتلة نحو 850 متظاهرا خلال الانتفاضة لكن محاكم الجنايات واصلت إصدار أحكام بالبراءة لرجال شرطة اتهموا بقتلهم. وبرأت محكمة جنايات القاهرة يوم الأربعاء 24 بينهم مسؤولون كبار في عهد مبارك اتهموا بتدبير هجوم على المشاركين في الانتفاضة في ميدان التحرير قبل إسقاط الرئيس السابق مما أثار غضبا شعبيا. وبين من نالوا البراءة رئيس مجلس الشعب السابق فتحي سرور. وعرف الهجوم الذي كان من أعنف اشتباكات الانتفاضة إعلاميا باسم موقعة الجمل. وكان النشطاء دعوا إلى مظاهرات اليوم لما قالوا إنها محاسبة مرسي على ضعف إنجازاته. ودعت جماعة الإخوان أعضاءها إلى التظاهر يوم الجمعة احتجاجا على حكم البراءة الذي صدر يوم الأربعاء والمطالبة بإقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود. ويتفق النشطاء والإخوان الذين تجمعوا في التحرير وعددهم ألوف على إقالة النائب العام. وقرر مرسي يوم الخميس تعيين محمود سفيرا لمصر لدى الفاتيكان فيما بدا أنه إبعاد له من المنصب لكن محمود أعلن أنه باق في منصبه ولاقى تضامن قضاة كثيرين. وكان مرسي كسب احترام كثير من السياسيين بقرار أصدره في أغسطس آب بإحالة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي ونائبه الفريق سامي عنان إلى التقاعد وإلغاء إعلان دستوري مكمل كان المجلس العسكري أصدره لتقليص سلطات رئيس الدولة. وناشد مجلس إدارة نادي القضاة مرسي بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للشرطة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يكلف الجهات المختصة بتمكين محمود من عمله في وقت قال فيه سياسيون إن مظاهرات نشطاء ستمنعه من دخول مكتبه في وسط القاهرة. وأدان مجلس إدارة النادي في بيان التهديدات للنائب العام ووصفها بأنها "إجرامية". وشارك مئات أغلبهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين في مظاهرة يوم الجمعة أمام دار القضاء العالي وهو مجمع محاكم يضم مكتب النائب العام. وفي وقت لاحق يوم الجمعة أدان مجلس الوزراء الأحداث في بيان قائلا إنها تعرقل الجهود السياسية والاقتصادية للحكومة. وأضاف أن رئيس الوزراء هشام قنديل يدعو جميع الأطراف الموجودة في ميدان التحرير وغيره من الميادين والأماكن للابتعاد عن أي عمل يشوه صورة مصر الجديدة. وبحلول الظلام أظهرت لقطات تلفزيونية حية هجوم نشطاء على أعضاء في جماعة الإخوان ومؤيدين للجماعة استخدمت فيه القنابل الحارقة والحجارة مما جعلهم يفرون إلى أطراف الميدان. وهتف النشطاء "الشعب يريد إسقاط النظام" وهو الهتاف الذي تردد كثيرا خلال الانتفاضة التي استمرت 18 يوما. وأشعل متظاهرون النار في حافلتين على أطراف ميدان التحرير قرب المتحف المصري. وعبر حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين عن أسفه لما حدث للحافلتين اللتين قال إنهما نقلتا أعضاء له إلى القاهرة. وأدان الحزب أيضا هجوما على مقر الجماعة في مدينة المحلة الكبرى في دلتا مصر. وأثارت الاشتباكات والمظاهرات المناوئة للنائب العام ردود فعل مختلفة. وقال محمود عفيفي من حركة شباب 6 ابريل "قيادات الإخوان دفعت بشبابها (الجماعة) اليوم لإفشال مليونية حساب الرئيس متحججة بحكم البراءة في موقعة الجمل." وقال الإعلامي والسياسي حمدي قنديل في صفحته على فيسبوك "عار على الإخوان المسلمين أن يهاجموا معارضيهم في ميدان التحرير. اسحبوا رجالكم على الفور. هذه ممارسات لم يجرؤ عليها الحزب الوطني أيام مبارك." وقال حزب الحرية والعدالة في بيان إنه تصور أن يتحد المتظاهرون من الحزب والمتظاهرون الذين يعارضونه في رفض البراءة للمتهمين بقتل المتظاهرين. وأضاف "المصالح الضيقة كانت عنوانا أساسيا للبعض... وهو ما دفعنا إلى مطالبة أعضاء وشباب الحزب إلى ترك الميدان."