بدأ اسامة بن لادن يطل بوجهه على شاشة السينما الأميركية، فبعدما أعلنت مخرجة «خزانة الأذى» عن حرب العراق نيتها تصوير الأحداث المؤدية إلى مقتله، يقول منتجو فيلم آخر إنهم يصورونه وقد نهض من مماته لمواصلة حربه على أميركا. إذاً، لا راحة لواشنطن، فحتى بعد إنجازها إحدى أكبر مهامها منذ إعلان «الحرب على الإرهاب» بقتلها عدوها الأكبر بن لادن، تجد أن هذا الإنجاز ذهب أدراج الرياح لأن زعيم القاعدة نهض من مماته وقبره البحري ليواصل، مع أتباعه الأموات - الأحياء، حربه الضروس ضد القوات الأميركية. هذا هو السيناريو لفيلم جديد من ابتداع الماكينة السينمائية الأميركية ذات الخيال الخصيب. وهو يأتي وسط موجة عالية من أفلام هوليوود التي تحيي الآن، بشكل أو آخر، قصة «دراكيولا» وحواريه «لزومبي» (الأموات العائدين إلى الحياة بأجساد متحللة) ويتخذ الفيلم عنوانا له «أُسومبي» Ozombie المركبة من أحرف كلمتي zombie «المسخ» وOsama «أسامة». وفي حوار مع تلفزيون «ايه بي سي» الأميركي، يقول منتج الفيلم التنفيذي كينان غريفيث إن سيناريو الأحداث كُتب قبل مقتل بن لادن في باكستان مايو الماضي، لكنه «افترض» له هذا المصير وقتها. وتدور وقائعه الخيالية حول رحلة تقوم بها فتاة معلّمة «يوغا» من كولورادو لإنقاد شقيقها ديريك، وهو من أنصار نظرية المؤامرة التي تقول إن زعيم القاعدة لا يزال على قيد الحياة. ويصبح موضوع الفيلم، وشعاره «بن لادن سيموت مجددا»، سردا لمغامرات وحدة أميركية خاصة ترافقها تلك الفتاة وسباقها مع الزمن لدحر زعيم القاعدة وأفراد جيشه من الزومبي أو «الإرهابيين القتلى». وبالنسبة لمحبي أفلام الرعب فهناك بالطبع الكثير من الدماء والرؤوس التي تتطاير والأجساد المتناثرة أشلاء صغيرة إلى آخره من قائمة مكونات فنون العنف. ويوضح غريفيث في لقائه مع «ايه بي سي»: «كان تصوير الفيلم تجربة ممتعة لجميع العاملين فيه. وحظينا بأن أفراد الفريق المتخصص في المؤثرات الخاصة اكتسبوا تجربة كبيرة من عملهم في استديوهات هوليوود. ولذا فيمكن القول إن هذا العمل وليمة دسمة لأعين عشاق أفلام الزومبي (...) وبالطبع فيكفي أن الشرير هو بن لادن». والفيلم الذي صورت أحداثه في ولاية يوتاه، غرب الولاياتالمتحدة، إنتاج مستقل (عن استديوهات هوليوود الكبيرة). وشن منتجوه حملة مناشدة لجمع التبرعات له على الإنترنت، وهو من إخراج جون ليد. من جهة أخرى، عُلم أن كاثرين بيغالو، المخرجة حائزة الأوسكار عن فيلمها «خزانة الأذى» المأخوذ من حرب العراق، على وشك بدء تصوير فيلمها عن مقتل بن لادن في الأردن وواشنطن. ويذكر أن مشروعها هذا نال كماً هائلا من الأضواء الإعلامية بعدما أخضعتها وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي ايه» لتحقيق مكثف حوله. وكان السبب في هذا التطور المثير هو ما إن كانت قد تلقت معلومات لفيلمها من مسؤولين داخل وزارة الدفاع تُصنّف «سرّية وذات خطر محتمل على الأمن القومي الأميركي». ويأتى هذا الوضع بعدما تقدم النائب الجمهوري (نيويورك) بيتر كينغ في اغسطس الماضي إلى وزارة الدفاع «البنتاغون» وال «سي آي ايه» بطلب التحقيق في المضامين الأمنية التي تنطوي عليها نية بيغالو إخراج الفيلم عن مقتل زعيم القاعدة. وراج وقتها أن بيغالو التقت بوكيل وزارة الدفاع لشؤون الاستخبارات، مايكل فيكرز، وأنه قدم لها معلومات عن الإطار العام لتعقب بن لادن بغرض قتله وعملية صنع القرار في ما يتعلق بالإغارة على مخبئه في باكستان. ويبدو أن هذه العاصفة هدأت الآن وأن بيغالو ستبدأ تصوير فيلمها، الذي يُشاع أن عنوانه سيكون «اقتلوا بن لادن»، وأن يكون جاهزا للعرض في ديسمبر المقبل. وبالطبع فقد خرج الفيلم، حتى قبل بدء العمل عليه، بالقدر الأكبر على الإطلاق من الدعاية المجانية التي قدمتها له تلك العاصفة السياسية.