بدأ المندوب السوري لدى الأممالمتحدةبشار الجعفري خطابه بجزء من قصيدة الشاعر والسياسي السوري نزار قباني، متألما على سوريا. ولم يستطع رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم أن يترك الجلسة العلنية لمجلس الأمن الدولي دون التعليق على التعريض بالعرب الذي قدمه مندوب سوريا الدائم بشار الجعفري في كلمته. وجاء تعريض الجعفري بالموقف العربي بصورة خطابية، حين لفت إلى أن الشاعر "نزار قباني تخيل هذه الجلسة قبل وفاته بسنوات"، مذكّراً أن بلاده "كانت تتبرع لحركات التحرر العربي في الخليج ضد الاستعمار البريطاني، وكانت العروبة في ما مضى، تختلف عن الطريقة التي ينظر بها البعض إليها اليوم". وطلب رئيس الوزراء القطري الكلمة ليعلق على الخطاب الذي ألقاه الجعفري، بادئا حديثه بذكر الشاعر نزار قباني، وكذلك ليرد على تعليق المندوب الروسي لدى الأممالمتحدة. وأبان حمد بن جاسم أن دول الخليج تقدر موقف سوريا في تحرير الكويت، وفي القضايا العربية، كما أشار إلى أن دول الخليج قدمت المساعدات للدول الشقيقة والصديقة دون منة على أحد، بعد أن أصبحت دولا غنية بعد اكتشاف النفط. السجال تعرض للمواقف التاريخية لسوريا ودول الخليج مع العرب، لكن الاستغراب جاء من المعلقين على إقحام المندوب السوري للأديب العربي المحبوب في الأزمة السورية، خاصة وأن نزار قباني كانت له مواقف واضحة من القمع، وداعمة للحرية التي ينشدها السوريون اليوم. استغراب من "إقحام" نزار في المعمعة مغردون في تويتر استغربوا إقحام أدب نزار قباني في الدفاع عن النظام السوري، خاصة وأن القصيدة نفسها التي اقتبس منها الجعفري تحمل أبياتا تشير إلى اغتصاب الرأي وخنق حرية التعبير. الكاتبة دلع المفتي عبرت عن استيائها وهي ترى "مندوب النظام السوري يقتبس من قصائد نزار قباني دفاعا عن بطش نظامه، بينما نزار لم يعد إلى سوريا إلا ليدفن فيها!!". المغرد عبدالله رزاق قال: "من حظ الشاعر الراحل نزار قباني أنه توفي قبل أن يسمع مندوب النظام السوري وهو يقتبس من أبياته". أما لينا وهيب فعلقت: "لو عاش نزار قباني إلى هذه اللحظة... لدافع عن وحدة سوريا وسلامتها وحرّية شعبها وياسمين دمشقها برموش عينيه وبنبضات روحه". الكاتب السعودي عبدالله بن بجاد علق بأن إنتاج نزار قباني وشعره وقيمته ضد النظام الأسدي والجعفري يفتتح كلمته بشعر نزار، مشيرا إلى أن ذلك "نموذجا لطريقة تفكير الأسد ونظامه". من قصيدة نزار قباني "من مفكرة عاشق دمشقي" وهذه مجموعة من أبيات القصيدة التي ورد فيها البيت نقلا عن موقع "نزاريات": فرشت فوق ثراك الطاهر الهدبا *** فيا دمشق... لماذا نبدأ العتبا؟ حبيبتي أنت.. فاستلقي كأغنيةٍ *** على ذراعي، ولا تستوضحي السببا أنت النساء جميعاً.. ما من امرأةٍ *** أحببت بعدك.. إلا خلتها كذبا يا شام، إن جراحي لا ضفاف لها *** فمسحي عن جبيني الحزن والتعبا وأرجعيني إلى أسوار مدرستي *** وأرجعي الحبر والطبشور والكتبا تلك الزواريب.. كم كنزٍ طمرت بها *** وكم تركت عليها ذكريات صبا وكم رسمت على جدرانها صوراً *** وكم كسرت على أدراجها لعبا أتيت من رحم الأحزان.. يا وطني *** أقبل الأرض والأبواب والشهبا حبي هنا.. وحبيباتي ولدن هنا *** فمن يعيد لي العمر الذي ذهبا؟ أنا قبيلة عشاقٍ بكاملها *** ومن دموعي سقيت البحر والسحبا فكل صفصافةٍ حولتها امرأةً *** و كل مئذنةٍ رصعتها ذهبا هذي البساتين كانت بين أمتعتي *** لما ارتحلت عن الفيحاء مغتربا فلا قميص من القمصان ألبسه *** إلا وجدت على خيطانه عنبا كم مبحرٍ.. وهموم البر تسكنه *** وهاربٍ من قضاء الحب ما هربا يا شام، أين هما عينا معاويةٍ وأين من زحموا بالمنكب الشهبا فلا خيول بني حمدان راقصةٌ *** زهواً ولا المتنبي مالئٌ حلبا وقبر خالد في حمصٍ نلامسه *** فيرجف القبر من زواره غضبا يا رب حيٍ.. رخام القبر مسكنه *** ورب ميتٍ.. على أقدامه انتصبا يا ابن الوليد.. ألا سيفٌ تؤجره؟ *** فكل أسيافنا قد أصبحت خشبا دمشق، يا كنز أحلامي ومروحتي *** أشكو العروبة أم أشكو لك العربا؟ والبيت السابق كان البيت الذي استخدمه الجعفري في مقدمة كلمته. نزار قباني والشاعر نزار قباني ولد في مارس 1923 لأسرة دمشقية عريقة، فجده أبو خليل القباني يعد من رواد المسرح العربي. درس نزار الحقوق في الجامعة السورية، وبعد تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلاً بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966. أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء"، واستمر في النشر حتى وصل عدد دواوينه إلى 35 خلال خمسين عاما، وتوفي في لندن عام 1998، ودفن في مسقط رأسه في دمشق.