(شرق)- دبى - أصدرت محكمة جنايات أبوظبي الأحد 26-4-2009 حكمها في قضية تعذيب طفلة إماراتية تبلغ من العمر 9 أعوام على يد أبيها وزوجته، لتحكم على الأب وزوجة الأب بالسجن 10 سنوات لكل منهما، وألزمتهما المحكمة بأن يدفعا للمجني عليها 160 ألف درهم، قيمة (الدية الشرعية)، لتنهي بذلك قضية أثارت غضباً شعبياً في البلاد، وبثت وقائع المحاكمة عبر تلفزيون أبوظبي في أول سابقة من نوعها بالبلاد. وجاء حكم محكمة جنايات أبوظبي بعد أيام على كشف التعذيب الذي تعرضت له الطفلة (نوف) التي مازالت طريحة الفراش بمستشفى "المفرق" نتيجة إساءة المعاملة والتعذيب اللذين تعرضت لهما على أيدي أبيها وزوجته، واللذين اعترفا أمام هيئة المحكمة بضربها في أماكن متفرقة من الجسد وكيّها بالنار بحجة تقويمها وتربيتها، بحسب تقرير نشرته وكالة الأنباء الإماراتية. وجاء في حيثيات الحكم أن مدونات الأوراق وما حوته من شهادة الشاهدتين وأقوال المجني عليها وتقرير الطب الشرعي، أكدت أن المتهمين اعتادا الضرب المبرح على رأس المجني عليها، بالعصا ورطم رأسها بالحائط وإحراق الوجه والجلد، بما نتج عنه عاهتان مستديمتان، أولهما برأس المجني عليها، وثانيهما بوجهها وجلدها، وما لحق بهما من تشويه يظل يلاحق المجني عليها طوال حياتها، الأمر الذي تخرج رأت معه المحكمة عدم توافر حق التأديب والتعليم الذي تمسك به المتهمان، ومن ثم تم رفض ذلك الدفاع. كما لم تأخذ المحكمة بدفاع المتهمين من أنهما كانا يعتديان عليها بالضرب لمصلحتها، إذ إن الاصابات التي لحقت بها كبيرة وخطيرة، ومتعددة ومتواصلة منذ نحو 5 سنوات، الأمر الذي كان معه المتهمان قاب قوسين أو أدنى من القضاء على المجني عليها. وأدانت المحكمة المتهمين بالتهمة المنسوبة إليهما وهي إحداث عاهة، ومعاقبتهما ب10 سنوات سجناً وإلزامهما معا بالدية شرعاً. وكان من اللافت خلال جلسة النطق بالحكم، الحضور المكثف لأقارب المجني عليها ووسائل الإعلام المختلفة، وجمهور عريض أرادوا الاستماع إلى كلمة العدالة في هذه القضية التي تحدثت عنها وسائل الإعلام على مدى أكثر من أسبوعين. وكان المتهمان (الأب وزوجته) قد أقرا خلال جلسة المحاكمة السابقة أنهما تعرضا للطفلة بالضرب بالعصا في مواضع متفرقة من جسدها، لكنهما أنكرا ضربها بالعصا على جمجمتها، وبررا الإصابة في رأس الطفلة بتعرض المجني عليها لحادث تدهور على درج المنزل أثناء قيادتها دراجتها الهوائية. وحول الحروق في جسد الطفلة المجني عليها، اعترفت زوجة الأب بأنها أحرقت الطفلة مرة واحدة فقط، حيث عمدت إلى "تسخين سكين في الفرن"، وقامت بكي الطفلة، منكرة في ذات الوقت إحراقها في وجهها، كما اعترفت المتهمة بضرب المجني عليها على رأسها مرة واحدة فقط. وبرر المتهمان سبب ضرب المجني عليها بدافع التربية والتهذيب وقناعتهما بأن القسوة هي إحدى وسائل التربية والتهذيب، مدّعين أن الطفلة كانت "عنيدة" ولا تنصاع بسهولة لما يطلب منها ولا تؤدي واجباتها المدرسية. ومثُل المتهمان أمام القاضي في جلسة علنية حضرها عدد كبير من مندوبي الصحف المحلية للمرة الأولى على مستوى دائرة القضاء في أبوظبي بهدف الحث على الإبلاغ عن أي حالات مماثلة، كما نقل تلفزيون أبوظبي للمرة الأولى في تاريخ دولة الإمارات وقائع أحد الجلسات بالمحكمة، وهو ما يعد سابقة أولى من نوعها على مستوى الدولة. ودفعت الواقعة ولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لزيارة الطفلة على سرير علاجها في المستشفى، معتبراً ان "الحادثة سلوك شاذ لا يمتّ بصلة إلى الامارات، ويخرج عن كل الشرائع السماوية، وسلوك دخيل يجب التصدي له".