عقد مجلس وزراء المالية العرب اجتماعاً استثنائياً له اليوم الاربعاء في مدينة أبوظبي بدعوة كريمة من دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك برئاسة سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية. وقد شارك في هذا الاجتماع وزراء مالية الدول العربية إلى جانب عدد من رؤساء وكبار المسؤولين من المؤسسات المالية الدولية والإقليمية والخليجية. وقد أعرب المجتمعون بداية عن شكرهم الجزيل لدولة الإمارات العربية المتحدة و الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة على استضافة هذا الاجتماع وكرم الضيافة. هذا وقد جرت مناقشة التحديات الاقتصادية والمالية الراهنة التي تواجه الدول العربية وذلك على ضوء التطورات الاقتصادية الدولية من جانب، والأحداث التي تشهدها بعض الدول العربية من جانب آخر. وقد أكد الوزراء على أن الأزمات والأحداث التي تشهدها بعض الدول العربية قد أبرزت أهمية وجود معالجة أكثر شمولية لمشاكل البطالة والحاجة هنا إلى إعادة النظر في تطبيق بعض سياسات التنمية المستدامة وخلق فرص العمل لكافة شرائح المجتمع. وأن المعالجة لذلك تتطلب انتهاج سياسات هيكلية متعددة الأوجه على المدى القصير والمتوسط نحو مزيد من الإصلاحات الكفيلة للوصول إلى نمو أوسع ينعكس في تحسن المستويات المعيشية لمختلف الفئات والطبقات من جهة، ويساعد على خلق مزيد من فرص العمل المطلوبة من جهة أخرى. كما أكدوا أنه بينما تكمن الأولوية على المدى القصير في معالجة الجوانب الاجتماعية الطارئة مع العمل في الوقت نفسه على المحافظة على الاستقرار الاقتصادي والمالي الكلي، فإن الأولويات على المدى المتوسط والبعيد هي متعددة الجوانب من حيث التوجهات والسياسات الاقتصادية. ويتطلب ذلك تعزيز متطلبات التعاون والاندماج الاقتصادي والمالي بين الدول العربية، بما يساهم في زيادة جذب الاستثمارات البينية والأجنبية المباشرة اللازمة لتوسيع فرص النمو المنشودة. إلا أنهم أكدوا مسألة حماية الاستثمارات وضرورة وجود تشريعات واضحة في هذا الشأن. في هذا الإطار، ناقش المجلس المبادرة التي تقدمت بها دولة الإمارات العربية المتحدة في شأن دعم الاستقرار الاقتصادي في المنطقة العربية، والذي دعا إلى المزيد من الإصلاحات الاقتصادية والمالية بمشاركة من المؤسسات الدولية والإقليمية والوطنية. وقد أكد السادة الوزراء في مداخلاتهم على ما جاء في هذا العرض من أفكار ومبادرات سواءً فيما يتعلق بجانب تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتطوير النظام المالي، أو ما يخص تحسين مناخ الأعمال ودعم التجارة البينية، أو كذلك على صعيد مواجهة متطلبات الأمن الغذائي العربي. بالإضافة إلى متابعة مشروع إنشاء آلية إقليمية لمقاصة وتسوية المدفوعات العربية. وقد وجه الوزراء إلى أهمية وجود آلية واضحة للتنفيذ والمتابعة، حيث دعوا لبحث الأمر في الاجتماع القادم للمجلس.كما وجه المجلس، المؤسسات الدولية والإقليمية والوطنية، للمساعدة على دعم نجاح المقترحات والمشروعات الواردة في عرض دولة الإمارات العربية المتحدة. كما ناقش المجلس مسائل تنسيق السياسات الضريبية بين الدول العربية على ضوء أهمية ذلك في تعزيز الاندماج الاقتصادي المنشود، حيث أكدوا في هذا الإطار على أهمية وجود الآليات المناسبة للتعاون والتنسيق الضريبي، حيث دعوا هنا لمناقشة هذه الآليات والتقدم بالتوصيات المناسبة للمجلس الموقر في اجتماعه القادم. هذا وقد استمع المجلس في هذا الإطار إلى عرض من المنتدى الدولي لتبادل المعلومات والشفافية بشأن الضرائب التابع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وقد أشار المجتمعون في هذا الإطار، على ضوء الأهمية المتزايدة للحد من التهرب الضريبي، إلى النظر في إمكانية انضمام الدول العربية إلى هذا المنتدى وذلك بما يتسق وسياسات وتوجهات كل دولة في هذا الشأن. ومن جانب آخر، ناقش المجلس الورقة المقدمة من صندوق النقد العربي حول تعزيز الاندماج الإقليمي – متطلبات دعم التجارة والاستثمار المباشر العربي البيني. وأكدوا على ما جاء فيها من توصيات على صعيد دعم تنافسية وتنويع التجارة العربية البينية. كما بينوا الحاجة لتطوير البنى التحتية والإنتاجية للمنطقة العربية. كذلك أعرب السادة الوزراء في مجال إدارة الصدمات الناجمة عن عدم الاستقرار في أسواق السلع الغذائية العالمية، على أهمية وضع إستراتيجية مشتركة في مجال الأمن الغذائي والتنسيق بشأن الحلول المناسبة كلما واجهت الدول العربية نقصاً كبيراً في الكميات وارتفاعاً حاداً في الأسعار العالمية للأغذية. كذلك ناقش المجلس العلاقات مع المؤسسات المالية الدولية على ضوء الأوضاع والتطورات التي تشهدها المنطقة العربية، والانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية لذلك، حيث دعا المجلس في خطاب جرى إعداده لكل من رئيس البنك الدولي ومدير عام صندوق النقد الدولي، إلى ضرورة توفير المزيد من الدعم المالي من قبل المؤسسات الدولية على المدى القصير للمساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي الكلي لدى الدول المتأثرة. كذلك دعوا هذه المؤسسات إلى المزيد من تطوير استراتيجياتها وبرامجها في المنطقة العربية، لتأخذ بالاعتبار البعد الاجتماعي للتنمية بما يساهم في تحقيق نمو اقتصادي أكثر مشاركة وأكثر قدرة على خلق فرص العمل. كما أكدوا مجدداً على الاهتمام بمسائل التدريب والتأهيل وتوسيع البرامج المشتركة في هذا الشأن. كذلك الإشارة إلى مديونية السودان وضرورة معاملة السودان أسوة ببقية الدول المماثلة. كما أعرب المجلس في هذا الصدد، عن ترحيبه بمبادرة "دوفييل" للشراكة من أجل دعم الإصلاحات في الدول العربية التي تشهد تحولات سياسية، داعين المجتمع الدولي ومؤسساته للمساهمة في إنجاح ما جاء في هذه المبادرة من أفكار ومشروعات للاستجابة لاحتياجات هذه الدول. وأخيراً، أعرب المجلس عن شكره لصندوق النقد الدولي على العرض المقدم حول التطورات الاقتصادية الدولية والإقليمية. كما أعرب المجلس عن شكره كذلك لصندوق النقد العربي بصفته أمانة المجلس على مساهمته في الإعداد لهذا الاجتماع والوثائق والأوراق الخاصة بالاجتماع، ودعوته هنا لمتابعة ما جاء في هذا الاجتماع من توجهات تمهيداً للاجتماع القادم الذي سيعقد خلال شهر نيسان/أبريل 2012 في مراكش على هامش الاجتماعات السنوية للمؤسسات المالية العربية.