هناك تزايد في درجة حرارة المناخ المتسبب الأكبر فيه هو الإنسان الذي يبحث الآن عن سبل للإفلات من العواقب الوخيمة لتدهور المحاصيل وزيادة الفيضانات والعواصف. في ضوء ذلك، يفكر بعض العلماء في تغيير طبيعة النظام المناخي للأرض بدلا من أن يتنازل الإنسان عن بعض رفاهيته لصالح المناخ. سيتطلب هذا عملا هندسيا على الصعيد الكوني كله وسيكون عملا شاقا ومكلفا للغاية. يتشاور علماء من اللجنة الدولية للتغيرات المناخية ''أي بي سي سي'' في مدينة ليما، عاصمية بيرو بشأن ما يطلق عليه العلماء الهندسة الجيولوجية التي ترمي إلى التدخل في طبيعة المناخ. من بين الخطط التي تفتقت عنها قريحة بعض الباحثين حتى الآن، تكوين سحب إضافية فوق البحار والمحيطات من خلال آلات تحدث ضبابا يتم وضعها على متن سفن تقف في عرض البحار ويتحكم فيها الإنسان عن بعد. يرمي العلماء من وراء ذلك إلى عكس المزيد من ضوء الشمس للكون من أجل تبريد كوكب الأرض وذلك من أجل زيادة ما يعرف بظاهرة ''ألبيدو''، أي زيادة قدرة الغلاف الجوي على عكس أشعة الشمس. ويرى باحثون أن ذلك ممكن إذا زرع الإنسان مساحات واسعة بالحشائش ذات السنابل اللامعة. كما يمكن حسب هؤلاء طلاء أسطح المنازل باللون الأبيض. كما يدعو بعض العلماء لنثر جزيئات من الكبريت في الغلاف الجوي وأن ذلك سيصد أيضا جزءا من طاقة الشمس عن الأرض. وقدرت مجموعة من الباحثين تحت إشراف ألان روبوك من جامعة نيو برانسويك في ولاية نيوجيرسي الأمريكية التكاليف لنثر مليون طن من الكبريت سنويا في الغلاف الجوي على شكل حبيبات حمض الكبريتيك، وذلك باستخدام مقاتلات أمريكية طراز ''إف 15 سي إيجل'' على سبيل المثال حسبما كتب الباحثون في مجلة ''جيوفيزيكال ريسيرش ليترز''. وتستطيع هذه الطائرة حمل ثمانية أطنان على ارتفاع 20 كيلومترا. وستضطر 167 من هذه الطائرات للقيام بثلاث طلعات يومية لنثر الكمية المطلوبة على مدار السنة. وبلغ سعر هذه الطائرات عام 2008 نحو 6.6 مليار دولار. وتقدر التكلفة السنوية لهذه العملية بنحو 4.2 مليار دولار. ولكن أفكار عالم الفلك الأمريكي روجر إنجل من جامعة أريزونا تتسم بخيال أوسع، حيث يطرح فكرة تكوين مظلة تظلل الأرض ضد أشعة الشمس. ويرى إنجل أنه من الممكن إقامة قرص هائل في الغلاف الجوي يدفع عن الأرض نسبة 1.8 إلى 2 في المائة من ضوء الشمس المطلوب تجنبه لتعويض ما تسببه ظاهرة الاحتباس الحراري من ارتفاع في درجة حرارة الأرض. وأفردت مجلة ''بروسيدنجز'' التابعة للأكاديمية الأمريكية للعلوم ست صفحات كاملة لهذا الاقتراح. ويقترح إنجل إنشاء هذا الدرع الشمسي عند نقطة لاجرانج 1 التي تقع بين الشمس والأرض على بعد نحو 1.5 مليون كيلومتر من الأرض. ويحصل تضاد بين جاذبية الأرض والشمس عند هذه النقطة مما يعني إمكانية وضع عائق في هذه النقطة ليرسل بظلاله من هناك للأرض بشكل دائم. يرى إنجل تصنيع هذه المظلة على الأرض وإطلاقه في الكون باستخدام مدافع كهرومغناطيسية وتثبيته في النقطة المشار إليها. ولا تتوافر أي من هذه التقنيات للإنسان في الوقت الحالي. وقدرت كين كالديرا من مؤسسة كارنيجي للأبحاث في واشنطن أثر مثل هذه المظلة الشمسية في حالة إنشائها فوجدت من خلال النماذج الحاسوبية أن باستطاعة هذه المظلة أن تعيد مستوى درجات حرارة الأرض خلال عقود قليلة إلى ما كانت عليه قبل الثورة الصناعية. تبدو هذه أخبار طيبة تجعل من الممكن انتظار إنشاء مثل هذه المظلة إلى أن تصبح ضرورية بشكل لا يستغني عنه الإنسان، حسبما رأت كالديرا التي استدركت قائلة ''ولكن ماذا لو سقطت هذه المظلة فجأة وبعد أن ارتفعت درجة حرارة الأرض بشكل إضافي، وبوتيرة أسرع 20 مرة مما هي عليه الآن جراء ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون على مدى عقود انتظار إنشاء المظلة، إن النتائج ستكون كارثية''. وأضافت كالديرا ''يتضح من ذلك أن إعادة تشكيل الأرض بهذا الشكل ستكون له مشكلات بحجم كوكبي''. ولكن عالم الفلك إنجل يرى أن هناك طرقا أكثر فعالية ''إذا تم استغلال الجهود نفسها والنفقات المطلوبة لإنشاء هذه المظلة الشمسية في بحث وتطوير مصادر طاقة متجددة فإن ذلك سيؤدي بالتأكيد لحلول أفضل''.