على وقع تظاهرات مليونية في معظم محافظات مصر، يصر المحتجون من خلالها على رحيل الرئيس المصري، نفى مصدران، سعودي وألماني، الأنباء التي ترددت عن مساع من الجانبين لترتيب «رحلة علاج طويلة» لمبارك في ألمانيا. فعلى الجانب السعودي، قال مصدر سعودي ان زيارة وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل الى ألمانيا، التي بدأت الأربعاء، ليست بهدف التوسط لدى برلين لتأمين ما سُمي ب«الخروج الآمن» للرئيس المصري حسني مبارك للعلاج في ألمانيا. وقال المصدر ليونايتد برس انترناشونال، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، ان زيارة الأمير سعود الى ألمانيا «مقررة منذ فترة وليست وليدة اليوم، بدليل انه سيقوم خلال الزيارة بافتتاح المقر الجديد للسفارة السعودية في ألمانيا». الا أنه قال ان الفيصل «سيؤكد للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل موقف بلاده من الأحداث التي تجري في مصر وضرورة قيام الاتحاد الأوروبي بجهود لحفظ الاستقرار والأمن في مصر والحفاظ على الشرعية الدولية المتمثلة في ابقاء الرئيس حسني مبارك رئيسا للبلاد حتى اجراء انتخابات حرة». ومن المقرر ان يبحث الفيصل مع ميركل تطورات الأوضاع في المنطقة وبخاصة الوضع في مصر. ومن المقرر ان يقوم الأمير سعود الفيصل بافتتاح المقر الجديد للسفارة السعودية في العاصمة الألمانية. ونفت الحكومة الألمانية بشدة ما تردد حول وجود خطط لاقامة الرئيس المصري حسني مبارك في مستشفى ألماني خلال الفترة المقبلة. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت في برلين: «لم تتلق الحكومة الألمانية طلبا رسميا أو غير رسمي.. ليس هذا فحسب بل لم يوجد أيضا أي عرض رسمي أو غير رسمي (من قبل برلين)». كانت أصوات بعض الساسة الألمان قد تعالت في الفترة الماضية بشأن اقتراح لاستقبال مبارك في ألمانيا لتلقي الرعاية الطبية من أجل المساهمة في حل الخلاف حول مصير الرئيس المصري والمساهمة في نقل السلطة بشكل سلمي في البلاد، ولكن نائب الرئيس المصري عمر سليمان قال الليلة الماضية ان الرئيس ليس في حاجة للعلاج. وفيما واصل ألوف المحتجين اعتصامهم أمام مجلس الشعب المصري بعد أن قضى المئات منهم الليلة على رصيفي شارع المجلس، قالت مصادر أمنية وشهود عيان ان شابين قتلا اليوم الاربعاء وأصيب أحد عشر اخرون في اشتباكات بين محتجين والشرطة في مدينة الخارجة عاصمة محافظة الوادي الجديد التي تقع جنوب غربي القاهرة وأشعل أيضا محتجون النار في مبنى ديوان عام محافظة بورسعيد في شرق البلاد. وقال مصدر أمني ان الشرطة أطلقت النار على المحتجين خلال توجههم في ساعة مبكرة الى مديرية أمن محافظة الوادي الجديد التي توجد في مدينة الخارجة للاحتجاج على وفاة مصاب من بين أكثر من 60 أصيبوا في اشتباكات وقعت في المدينة مساء يوم الاثنين واستمرت الى الساعات الاولى من صباح الثلاثاء. وأضاف المصدر ان أحد الرجلين قتل في الحال وأن الآخر توفي متأثرا بجراحه بعد نحو ساعة. وتابع ان من بين المصابين اثنين في حالة خطيرة. وقال مصدر طبي ان الشرطة استخدمت يومي الاثنين والثلاثاء الرصاص الحي وطلقات الخرطوش وقنابل الغاز المسيل للدموع ضد المحتجين. وقال الشاهد ان الشرطة استخدمت اليوم الرصاص الحي ضد المحتجين الذين أشعلوا النار في قسم الشرطة الذي سحبت السلطات منه القوات والعاملين والمحتجزين فيه الى مبنى مديرية الامن.كما أشعلوا النار في ادارة المرور وادارة الدفاع المدني ونحو احدى عشرة سيارة تابعة للادارة الاخيرة. وأضاف الشاهد ان المحتجين أشعلوا النار في مبنى المحكمة ومبنى النيابة العامة ومبنى للنيابة الادارية وجزء من مقر الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم في المدينة. وفي اطار «موسم التنازلات» العربية وما تبعه من كشف لكثير من التجاوزات التي ارتكبها مسؤولون في عدد من الأقطار العربية، اخذ التذمر في الأردن منحى جديداً بتوجيه كبرى العشائر الأردنية نقداً مباشراً غير مسبوق للملكة رانيا عقيلة العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني واتهامهم لها ب «الفساد»، وطالبت 36 شخصية تنتمي الى كبرى العشائر التي تمثل العمود الفقري للدولة الاردنية اخيراً في بيان الملك عبدالله «بالأمر الى اعادة اراضي الخزينة والمراعي والميري الى ما كانت عليه قبل تطويبها واعادة كل ما صار باسم أسرة آل ياسين (أسرة الملكة رانيا) الى خزينة الشعب الأردني لأن هذا ملك للشعب»، متجاوزين بذلك الخطوط الحمراء في بلد يعاقب فيه كل من يطيل اللسان ضد أي فرد من أفراد العائلة المالكة بالسجن لمدة قد تصل الى ثلاث سنوات. وعلى الصعيد السوري، تمكن مستخدمو الانترنت في سورية من الدخول الى موقع الفيديو «يوتيوب» وموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» المحجوبين تدريجيا من دون اللجوء الى برامج «البروكسي» التي اعتادوا استخدامها للالتفاف على هذا الحجب الذي طال فيسبوك في نوفمبر 2007 ويوتيوب منذ عامين. واكد رائد اعمال في التكنولوجيا والاعلام والناشط الاجتماعي عبد السلام هيكل لوكالة فرانس برس ان طلب رفع الحجب «وصل الى مزودي الخدمة في سورية». واشار هيكل الى ضرورة انتظار «الوقت اللازم لرفع الحجب سواء من ناحية الاجراءات الادارية او التقنية لكل مزود» حيث كانت بعض المواقع محجوبة لدى بعض مزودي هذه الخدمة بينما كان مرفوعا لدى الاخريات. واعتبر هيكل الغاء حجب مواقع التواصل الاجتماعي «خطوة جيدة جدا وتعبر عن رغبة الحكومة في تعزيز الثقة مع المواطنين» لافتا الى انها «تأتي في وقت تدخل فيه المنطقة مرحلة جديدة تتطلب مزيدا من الجهود لاشراك الشباب واشعارهم بالثقة المتبادلة وبالاحترام». واشار هيكل الى ان «مستخدمي فيسبوك السوريين تصرفوا بمسؤولية تجاه ما وردهم للاحتجاج والتظاهر وعدم استجابتهم لتلك الدعوات مما ثبت فكرة ان الحجب ليس مطلوبا وان كان مطلوبا فالالتفاف عليه سهل». وتأتي عملية رفع الحجب بعد عدة حملات قامت بها مجموعات على الفيسبوك ردا على حملة لمجموعة لم تكشف عن هويتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك دعت الى «يوم غضب» بعد صلاة الجمعة 4 فبراير في كافة المدن السورية» اسوة بما يحدث في مصر وتونس. ويشار الى ان الحجب ما يزال مستمرا على بعض المواقع كبعض الصحف الاجنبية والعربية بالاضافة الى موقع ويكيبيديا العربية وبعض المدونات. وقد نالت خطوة رفع الحجب عن فيسبوك ويوتيوب رضا الولاياتالمتحدة. فقد رحب احد مساعدي وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بقرار سورية رفع الحجب الذي كان مفروضا على موقعي فيسبوك ويوتيوب، الا انه اعرب عن مخاوفه من تعرض مستخدمي الموقعين الى مخاطر اذا لم تتوفر حرية التعبير. وقال اليك روس في رسالة على موقع تويتر «نرحب بالخطوة الايجابية المتعلقة بفيسبوك ويوتيوب في سورية، ولكننا قلقون من ان يتسبب ذلك بمخاطر على المستخدمين في غياب حرية التعبير». وفي باريس قلل وزير خارجية اليمن من شأن التكهنات بأن بلاده ستسقط في أزمات سياسية مماثلة لتونس ومصر قائلاً انه على عكس الدولتين العربيتين فان الحكومة اليمنية اجرت دائماً حواراً مع المعارضة. وفي مقابلة مع محطة فرانس 24 وصف أبوبكر القربي التكهنات بأن الرئيس علي عبدالله صالح هو الزعيم العربي التالي الذي سيواجه تمرداً بأنها «لعبة تخمين» وان المظاهرات الأخيرة في اليمن ليست جديدة. من جانبه، اعرب ولي عهد مملكة البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة عن اعتقاده بأن الاحتجاجات الشعبية في مصر وتونس هي حوادث منفصلة لن تنتقل الى بقية الدول العربية. واضاف الأمير سلمان خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده الليلة قبل الماضية مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ان الرسالة المستقاة من الاحداث في مصر وتونس أنه يتعين على قادة الدول العربية الاستجابة لمطالب شعوبها.