إذا أردنا أن نعقد مقارنة بين الطالب الجديد والطالب القديم لوجدنا بوناً شاسعاً ، وفارقاً لا يستهان به ، وهوة نحتاج إلى ردمها ، فالطالب القديم لم تتسلط عليه وسائل الإعلام سلباً أو إيجابا كاليوم ، فوسائل الإعلام قديماً هي القناة الأولى ، على بساطة برامجها ، وقلة الموجه للطلاب فيها، أما الصحف والإذاعة فتستهوي القلة . كان الطالب القديم يجد في المدرسة الجديد والمفيد والمسلي ، فيقضي صباحه بها ، أما فترة العصر فيقضيها في مساعدة والده في الحقل ( في الخبط والنصد والحزم ... )، أو بلعب كرة القدم أو غيرها من الألعاب الشعبية ( مثل : الساري ، المزقرة ، الطيرة ، الدسيس... ) كانت ألعاباً ممتعة مسلية وعفوية ، تعلم النشاط والحركة والحماسة والتركيز ، في جو من الألفة والبساطة ، ولا تحتاج لمئات الريالات ، أو بكاء طويل عريض على الأطلال كاليوم . فالطالب القديم في نظري أشبه بصفحة بيضاء ناصعة البياض ، ينقش فيه المعلم الآداب والأخلاق نقشاً ، فتصادف قلباً خالياً فتتمكن . أما الطالب الجديد فقد تكاثرت عليه وسائل الإعلام فوقف أمامها حائراً ، فيصبَّح عقله الغض ويمسَّى بصفحات لا نهائية من الشبكة العالمية (الانترنت) من : فيس بوك ويوتيوب ودردشة ومنتديات ومواقع لا تحصى ، وإن انقلب عنها فإلى قنوات فضائية للرياضة والفن والأطفال والتسلية وفي جميع المجالات والأهواء والأدواء وفي كل التخصصات واللغات ، وإن مل منها فإلى عالم سوني والبلايستيشن والآي بود حيث يلعب الساعات الطوال ، ودون الحاجة لمنافسة أخيه أو جاره ، فهو يلعب على الهواء مباشرة مع منافسين ومشاركين حول العالم جاهزون للعب معه وفي أي وقت من ليل أونهار ، وبمجرد أن يفتح المباشر ، وفي كل هذا يجد الإثارة والجاذبية والتشويق ويعيش عالم المغامرة ، ولا يقطع عليه متعته إلا الذهاب إلى المدرسة حيث لا مغامرة ولا تشويق ، ويدخل مدرسته متأبطاً أفكاره وسلوكياته الوافدة التي اكتسبها من عكوفه الطويل ومتابعته غير الواعية لوسائل الإعلام والترفيه ، ومن غير المعقول بل من غير المفهوم أن نستمر في تقديم التربية والتعليم لطلبتنا بالطريقة القديمة نفسها، وبالوسائل التقليدية ذاتها ، ثم ننتظر نتائج مختلفة . وهنا يظهر التحدي الكبير الذي تواجهه مدارسنا ، فعلى المدرسة أن توعي الطالب الجديد ، وتعلمه أن يفرز بنفسه -وفي كل ما يراه ويسمعه - بين الغث والسمين ، ولا وصول لمرحلة الوعي هذه إلا بوسائل جاذبة ، وطرائق مقنعة ، تثير انتباه الطالب وتجذبه حتى يستجيب فيستمع ويقتنع ، ومن ثم التوظيف الأمثل لقدرات الطالب ، ومراعاة رغباته واهتماماته ، وإطلاق العنان لطاقاته الإبداعية والفكرية والرياضية ، وقديماً قال أهل الأخلاق والتربية : الإقناع مقدم على الترغيب ، والترغيب مقدم على الترهيب .