رغم أننا أمة مسلمة ونعرف أصول الدين الذي فطرنا الله عليه , أمة شريعتها " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " وكما شُوهد في الفترة السابقة بعد إطلاقي موضوع "حملة التعدد " إلاّ أنه كان كالصاعقة على الأغلبية فلا أرى هناك ما يدّعي للغرابة , وما إن هلَّ علينا شهر الرحمة والبركات وهدأت الأوضاع وأُمتُصَ الغضب الثائر الذي لامَستُه في بعض ردود الفعل المتشنجة , ولاسيما أنهم مازالوا حتى هذا اليوم يتحدثون في الموضوع.. لا مستشعرين حرمة هذا الشهر الفضيل ,بل وفوجئت عندما سمعتُ من قريبة لي أنني كنت حديث المجلس عند إفطارهم الجماعي مع نساء العائلة وكأنني أصبحت فطوراً و سحوراً لهم .. فقررت أن أبين ما لم يتضح بيانه , كما يعرف الجميع التعدد رخصة أقرها الإسلام ولم يفرضها , أقرها بضوابطها الشرعية وأساس ذلك هو العدل , وهو مسؤولية قبل كل شيء , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ"., التعدد مقنن ومنظم ومرتب وهذا ميزة ديننا الحنيف لم يجعل الأمر فوضوي , ولم يأتي الإسلام بشيء عبثاً إلاً بحكمة قد نجهلها أو لا تَعيها عقولنا ,التعدد موجود والإسلام ضبط هذا النظام وأحكمه بِ أربعة نسوة , وكما قال الدكتور " زغلول النجار " : التعدد رخصة تستخدم لضروراتها قد تكون ضرورة شخصية أو عامة والرجل يميل إلى التعدد بالفطرة , وبما أن المرأة في المجتمع الإنساني هي نصفه الأرَق- من الرقة – فقد يجرأ الرجل بطغيانه على حقوقها وقد يذرها كالمعلقة وهذا لا يجوز شرعاً . كنت مؤمنة بأن المرأة وخاصة المرأة المتعلمة تستطع الاتكال على نفسها وتتقبل أي أمر يطرأ على حياتها العامة و الزوجية خاصة والحفاظ على بيتها وأطفالها.. بناء على ما حصَلت عليه من درجات العلم ورجاحة العقل ,ولا تجعل أي أمراً يعيقها من مواصلة حياتها بل تضع فاصلة وتكمل الطريق, لكنني ذُهلت عندما شاهدت من اندلاع المقالات الواحدة تلو الأخرى من كُتاب الرأي الذين هم قلم المجتمع وصوته الخافت.. كاتبات لهن قُرَّائهم وأقلامهم تحدثن في أمر مشروع بالعاطفة ونوعٍ من السخرية , لا بأس أيتها الكاتبات والأمهات الفاضلات فليس هناك ما يثير الدهشة وليس هناك ما يدَّعي التساؤل والوقوف طويلاً, فأقول : من ينتقد التعدد وتسخر منه انتقديه لشخصكِ فقط .. لا تنتقديه على مستوى الأسرة والمجتمع والعالم , فهناك من بنات جنسك من يقبلن به .. كفاكم تشويهاً لهذا النظام , وكما ذَكرتْ إحدى الكاتبات الفاضلات في مقالتها مسبقاً " ولهان ومسير " " أن المسيار والمطيار ... الخ , استحوذ على عقول الأغلبية مع تحقيق الرغبات المرجوه فلا داعي للتعدد ولاسيما بعد تحليل المشايخ له" .. مهلاً عزيزتي .. فنحن بمعتقداتنا الخاطئة وبعض النماذج السلبية والإعلام المرئي من شوهنا صورة التعدد , ليس تحليل المشايخ للمسيار هو سبب عزوف الأزواج عن التعدد ,بل أنتِ وأنتَ وهي وهو وأنتن وأنتم من جعل من التعدد عيباً معيباً , وأين كرامة المرآة عندما تفضل زواج المسيار وعندما تسلب كامل حقوقها من نفقة ومسكن وإنجاب ..! وفي الجانب الآخر قالت تلك الكاتبة في مقالتها بعنوان " ناشطة التعدد " والتي قالت : " بأني أبحث عن الظهور لا أكثر " تناست الكاتبة أنني تحدثتُ في حدود الشرع بناءً على حجج ودراسات وإحصائيات عالمية نابعة من منظور مستقبلي ليُغيِّر الواقع في موضوع تجاهل الجميع قوله وكاد أن يندثر والذي أصبح من الصعب على أيٍ من كان تقبله وفهمه ,كما عجز الرجال عن قوله صريحاً فأصبحوا يدسون السم في العسل يمررون رسائل من تحت الطاولة لزوجاتهم ليرون ما هي ردت فعلهن في هذا الموضوع ,لذلك لم ولن أفكر في يوم من الأيام في الشهرة على حسب ذكرك وكل من يفكر بهذا التفكير فهو قزمٌ في فكره .. أحولٌ في نظره قال الفيلسوف الانجليزي ( سبنسر) في كتابه ( أصول علم الاجتماع ) أن الأمة المعددة أفضل من الأمة الموحدة للزوجات . قال الدكتور غوستاف لوبون في كتابه ( حضارة العرب ) إن تعدد الزوجات على مثل ما يشرعه الإسلام من أفضل الأنظمة . وتقول أستاذة ألمانية في الجامعة : أن حل مشكلة المرأة الألمانية هو في إباحة تعدد الزوجات . وهناك كاتب قال في مقالته " وجهه نظر بلا نظر " بأنه ينقصني التجربة , أقول : ليس عدم التجربة شريطة التشكيك فيما أقول و هناك ملحوظات يجب أن تُقال دون تجربة ولاسيما أن هناك العديد من النماذج من المعددين وقائمة حياتهم من أحسن ما يكون , على سبيل المثال الدكتورة (خ.ح )– زوجة معدد – بعدما انتهيت من حواري على إذاعة البانوراما اف ام مع المذيعة هدى ياسين أتاني اتصال منها حيث تقول : لا عليكِ مجتمعنا يحتاج إلى تثقيف وأنتِ قُلتي الحق ولا تُبالي, وأنا نموذجاً للمرأة المؤيدة للتعدد فزوجي مُعدد ولله الحمد عادل بيننا وقمة في الأخلاق , وإن كان عُذر غالبية النساء أنه لا يوجد رجال عادلون كذبن ,كما يوجد الرجال الخائنون فهناك العادلون , وإن كانت هناك حملات فأنا مستعدة أن أثقف المرأة بهذا الخصوص . لكن البعض ينسف الفكرة كلياً لكونها تنقصني التجربة – عُذر البليد مسحُ السَبورة - *أصبح بعض الأزواج يختصر الطريق وقد يلجأ إلى طرق محرمة بدلاً من التعدد و إعلام _ أم العيال _ لمعرفته بردة فعلها .. *كم من زوجة فضلت أن تكون – مُغفلة- ونائمة في العسلِ وتفضل أن يخونها زوجها, شريطة أن لا يعلن زوجها خبر زواجه بأخرى.. قد يكون حب تملك وقد يكون هروباً من الحقيقة المؤلمة .. * كم من – مطلقة وأرملة ومتأخرة بالزواج – تفضل الزيجات الأخرى بدلا من التعدد وتهضم كامل حقوقها هروباً من نظرة المجتمع وخوفاً من التعدد . - البعض قال: " لماذا لا يتم تزويج العُزَّاب فسَتُحل المشكلة ؟!" لكن حتى و إن زُوّج كل العُزّاب سيبقى هناك فائض من النساء ,مع الملاحظة أن جميع الإحصائيات السكانية تثبت تفوق نسبة النساء على الرجال إذ بلغت في العالم 70% وفي المجتمع السعودي 65% , بالإضافة نحن نعلم أيضاً أن ليس كل الرجال العُزّاب سيتزوجون فالرجال يتراجعون عن الزواج للعديد من الأسباب منها غلاء المهور, وعدم تحمل المسؤولية ... الخ , والمشكلة لازالت قائمة . - من هاجم التعدد " مصحوباً بنسب الطلاق المتزايدة سنوياً .. " مهلاً حتى المطلقة تحتاج إلى زوج يعولها ولا تريد أن تبقى بدون رَجُل , ولا ننسى في المقابل أن العُنوسَة في مصر بلغت 6 ملايين عانس وفي السعودية 1,500 مليون عانس ,وفي تونس 50%عوانس ,والجزائر 31,1 %عوانس, والإمارات 175 ألف عانس ,وروسيا 20 مليون عانس, وبريطانيا 8 ملايين عانس ,وألمانيا الاتحادية 4,500 ملايين أرملة . ويستمر القيل والقال والجدل حول هذا الموضوع مُتناسين أن هذا الأمر مشروع متى ما وجِدت الضوابط والحاجة له , ولم يكن رأيي في التعدد ومقصدي إلا تثقيفاً وليس تحريضاً كما فهمه الأغلبية ولم أجبر أحداً على فعل شيء لا يريده والمسألة مسألة قناعة شخصية ليس إلاَّ ... ومازال النهش في لُحوم البشر مستمراً واستمر الفطور و السَحور على هذا الموضوع . ماذا بقي علينا قوله : قد أكون أصغركم سناً لكنني لم أخاطب أعماراً ولا جنسيات ولا ثقافات ولا مستويات ولا مجتمع معين, أنني خاطبت عقولاً, فأين العقول اليوم ..! نحن مجتمع يَدور حول حلقة مُفرغَة , وعندما نصطدم بجدار الواقع حينها نرضى بأنصاف الحلول . نوف العمودي للتواصل مع الكاتبة Twitter @noofalamoudi