أكدت دراسة حديثة على أن المرأة تجبر على قبول زواج المسيار لعدم وجود بديل آخر، فهي تفضل التعدد على المسيار، ولكن نظرة المجتمع المتشددة للمطلقة والأرملة تدفعها أحياناً إلى قبول زواج المسيار، لأنه الحل الوحيد وليس الحل الأمثل، كما أوضحت الدراسة أن معظم النساء اللاتي جربنه لا ينصحن فيه إلا في حالة الضرورة القصوى، مشيرات إلى أنه يمكن للمرأة أن تتزوج زواج مسيار إذا كانت كبيرة في السن ولا تفكر في الإنجاب، أما إذا كانت صغيرة في السن أو لديها رغبة في الإنجاب فإنهن يحذرن من هذا الزواج لأن فيه ضياعا لجميع حقوقها. الدراسة قامت بها كل من أ.د. سلوى الخطيب أستاذة الأنثروبولوجيا بقسم الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود، ود.هناء الصقير وكيلة كلية التربية بجامعة الملك سعود، بهدف معرفة الدوافع الاجتماعية والنفسية التي تدفع المرأة والرجل إلى قبول هذا الزواج، باستخدام منهج المسح على عينة بمدينة الرياض بلغت 269 امرأة و363 رجلاً، كما استخدمت منهج دراسة الحالة لعينة مكونة من 16 حالة عبرالهاتف. وبينت الدراسة أن إحصاءات زواج المسيار في المملكة غير معروفة رسميا، وذلك لسريته، وعدم تسجيله في المحاكم أحياناً، وفي حالة تسجيله لا يذكر فيه كلمة "مسيار" عوامل ظهوره وأنواعه وكشفت الدراسة عن أن من أبرز العوامل التي ساهمت في ظهور هذا النمط من الزواج هو تغير بنية المجتمع السعودي من مجتمع قبلي متجانس إلى مجتمع غير متجانس إلى حد ما ويسيرنحو الحضرية، وتغير شكل الأسرة ووظائفها، والنظرة المتحفظة للمرأة، واستقلال المرأة الاقتصادي، إلى جانب الفضائيات ووسائل الإعلام المتعددة، وغلاء المعيشة وارتفاع تكاليف الحياة، وزيادة نسبة غير المتزوجات في المجتمع، وتزايد حالات الطلاق. ولاحظت الدراسة أن هناك نوعين من الزواج،هما: زواج سيدات مطلقات أو أرامل مقتدرات ماليا من رجال في مثل أعمارهن أو أصغر، وفي هذه الحالة يتخلى الرجل عن تحمل أي تكاليف مالية وتتولى المرأة عملية الصرف والإنفاق، وهذا النوع من الزواج هو الشائع، والزواج الآخر هو زواج نساء صغيرات في السن من رجال أغنياء أكبر منهن سنا، وهذا النوع قليل جدا في مجتمع الدراسة، لأن المرأة الصغيرة عادة ترفض زواج المسيار وتفضل الزواج الرسمي، ولكن أحيانا يدفع الطمع بعض الآباء لقبول مثل هذا الزواج رغبة في المال. المسيار أم التعدد ورغم إباحة الشريعة الإسلامية لتعدد الزوجات إلى أن بعض الرجال والنساء يفضلون زواج المسيار على التعدد، واهم الأسباب التي تدفع بعض النساء لاختيار زواج المسيار كان وفق نتائج هذه الدراسة "أنه يناسب ظروف المرأة الأسرية" كأن تكون مطلقة أو أرملة ولديها أطفال. أما بالنسبة للرجال فقد كان أهم أسباب قبولهم لزواج المسيار هو "لسهولته وسريته"، وعدم وجود ارتباطات أو التزامات مادية أو اجتماعية فيه، وغير مكلف ماديا، ومحلل شرعا، ويراعي مشاعر الزوجة الأولى. إشباع الحاجات وأظهرت نتائج الدراسة أن زواج المسيار يشبع احتياجات مختلفة لكلا الجنسين، وأهم الاحتياجات النفسية والطبيعية التي يشبعها زواج المسيار للرجل هي"الرغبة الجنسية اولاً، ثم الإشباع العاطفي والوجداني، ثم الرغبة في التغيير، ثم الرغبة في التقليد والمحاكاة، ثم تأديب الزوجة الأولى، ثم التحرر من سلطة الزوجة، كذلك التحرر من سلطة الأهل"، بينما تشير الدراسة إلى أن أهم الاحتياجات النفسية والطبيعية التي يشبعها زواج المسيار للمرأة هي"الحرية والتحرر من القيود أولاً، ثم الإشباع العاطفي والوجداني ثم إشباع الرغبة الجنسية للمرأة". وأوضحت نتائج الدراسة أن أهم المواصفات التي يحرص الرجل على اختيارها في زواج المسيار هي "الجميلة أولا، ثم صغيرة السن، فالمرأة العاملة، ثم ذات الحسب، وخامسا الثرية"، ولم يذكر رجل واحد التدين كصفة أساسية!، تأثيراته السلبية وكشفت الدراسة عن أن شروط زواج المسيار الموجودة فعليا تتنافى مع شروط وأسس نظام الزواج في الإسلام، فالزواج في الإسلام شرطه الإشهار والإعلان، وزواج المسيار يقوم على السرية، والزواج في الإسلام يعتمد على السكن والمودة والرحمة، وهذا الزواج ليس فيه السكن الدائم بل المؤقت، والزواج في الإسلام يلزم الرجل بالنفقة وتحمل المسؤولية والقوامة على زوجته وأهل بيته، في حين أن المسيار يقوم على تخلي الرجل عن مسؤولياته المالية والتخلي عن القوامة، ويشترط الإسلام العدل في المعاملة والنفقة ورعاية الأبناء، في حين أن زواج المسيار غالبا لا يراعي العدل في النفقة لأن من شروطه تخلي المرأة عن حقوقها المالية. وتذكر الدراسة أن بعض الفقهاء أباح زواج المسيار بدعوى استيفاءه لكافة الشروط الشرعية للزواج، وهذا ما جعله مقبولا اجتماعيا وشجع الكثير من الرجال السعوديين على الإقبال عليه، إلا أنه في الواقع نجد أن هذه الفتاوى نظرت إلى ما يحققه المسيار من فوائد لبعض الرجال على المدى القصير، لكنهم لم ينظروا إلى سلبياته وآثاره على المرأة والأطفال على المدى البعيد، كما أنهم تناسوا أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة" فمهما كانت المصلحة من زواج المسيار إلا أنها مصلحة وقتيه آنية وستجر من ورائها مفاسد لا قِبل لنا بها، مثل تأثيرها السيئ على الأبناء وقيمهم وخلقهم خاصة عندما يرى الأبناء نماذج سلبية من الأبوة والأمومة غير المسؤولة والتي تركض وراء المتعة الجسدية ، ولذا تعتقد الباحثتان أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق المؤسسات الاجتماعية والدينية التي لم تقدر خطورة هذه الظاهرة على البعد الاجتماعي، ولم تقدر مخاطر شيوع الانحلال الأسري على التماسك المجتمعي وعلى الفوضى الاجتماعية التي ستسود المجتمع إذا ما أصبح المسيار هو القاعدة والزواج الرسمي هو الاستثناء!.