لا شك بان تعلم لغة العصر والعلم اليوم هو امر ضروري للغاية ومحبب، بل نشجع على ذلك ما امكن .. حيث ان الضرورة فرضتها علينا عوامل كثيرة منها نقل العلوم والتكنولوجيا والدراسة والعمل ..الخ ولكن ما اردت الاشارة اليه هنا ، أن البعض في بعض البلاد العربية أصبح يتفاخر بالانكليزية أو الفرنسية أو غيرها لإضفاء صبغة الحضارة والتقدم على انفسهم ، ولا اعني هنا استخدام مصطلح هنا او هناك من الانكليزية او غيرها ولو اني اعيب ذلك أحيانا انما من اتخذ من ذلك أسلوب حياة متفاخرا متباهيا باستخدام الانكليزية او الفرنسية بشكل يومي وحتى مع اقرب المقربين وان اضافة تلك المساحيق من مفردات لغوية اجنبية اليوم لدى الكثيرين معتقدين خاطئين بان ذلك دليل ثقافتهم ومواكبتهم العصر والحضارة والتقدم والرقي ، مبالغين في استخدام تلك المساحيق اللغوية في احيان كثيرة بالتعامل مع اقرب المقربين باستخدامها بشكل يومي ومستمر ؛ اعتقادا منهم ان هذا هو الطريق للحضارة والتقدم والرقي ومواكبة العصر.. والسؤال المشروع ، هل هو هذا فعلا الطريق الصحيح أم ان الامر ملتبس على الكثيرين؟ الدليل على خطأ هؤلاء هو قيام الحضارة والتمدن عند الالمان مثلا او اليابانيون الذين خرجوا من بعد الحرب العالمية الثانية مدمرة بلادهم منهوبة إلا انهم اقاموا انجح الحضارات في التقدم والرقي وقيام الصناعة والقانون والنظام وبلغاتهم الام فلم يستبدلوا لغاتهم بلغة المنتصر أو المحتل ..هل ترك السويديون لغتهم لان عددهم صغير لان لغة العصر هي اللغة الإنكليزية؟ يتمتع السويديون في بلدهم بأرفع درجات الرقي والحضارة محافظين ومعتمدين بل فخورين بلغتهم ومثلهم الكثيرين في أصقاع الارض لا يرضون بديلا للغاتهم الأم في نقل العلوم والتكنولوجيا، ناهيك عن العمل ومتطلبات الحياة اليومية.. اذن ما هو سبب هوسنا بكل ما هو اجنبي وقدحنا بأجمل ما لدينا ألا وهو لغتنا العربية ؟ هذه اللغة الجميلة التي يعترف بجماليتها كل علماء اللسانيات . لا اقول ذلك من باب عدم معرفة ؛ بل انني والحمد لله أجيد عدة لغات بطلاقة تامة ولكن تبقى العربية اجملها وأطلقها في التعبير وأنقاها وأغزرها .. لن انسى استاذا مهووسا بالانكليزية وهو قد تعلم متأخرا اصلا بعد ان عمل عملا اخر لفترة طويلة ولكن بعد تعلمه الانكليزية وكانت اللغة التي ينقل بها معرفته كان يتخذ منها مقياسا ومعيارا وحيدا لقياس معرفة من معه ، ناسيا هذا الجاهل ان العلوم والمعرفة لا تنتمي للغة بعينها بل يمكن الحصول عليها بكل لغات الارض وهي فقط - اي اللغة واية لغة – تعد رموز لنقل المعرفة لا تمثيلها وهنا هو الفرق .. فلا طبيبا ناطقا او متعلما بالانكليزية افضل من زميله المتعلم بالألمانية فهي ذات المعرفة وذات العلوم . الامر الذي يستدعي التحدث عن مثل هذا ممن يتباهون باللغة الاجنبية ، وإضافة هذه المساحيق اللغوية للتغطية على تفاهتهم وحاجتهم الماسة لإخفاء نقصهم وفراغة عقولهم من كل ما هو حضاري ، ناهيك عن فقرهم الثقافي والفكري الذي لا حدود له وان ابدوا بعض المعرفة بمجال ما .. إلا انه وبدون ادنى شك يحاولون جاهدين تعويض احساسهم بالنقص امام حضارات الاخرين بالتقليد لا تطوير الذات .. فالكثيرون اليوم يتخذون من استخدام اللغة الاجنبية اسلوب حياة كدليل على الانفتاح والتحضر والاتكيت في المعاملات ، إلا ان علماء الاجتماع والنفس اكدوا انما ذلك يعود للإحساس لعقدة النقص ومحاولة تغطية ذلك .. انها لعقدة الكثيرين اليوم من المعجبين بالأجنبي، حيث يتمتع اصحاب اللكنة الاجنبية الانكليزية في هذه الحالة بأفضل المزايا والخيرات على من مثلهم او حتى الافضل منهم من يتكلمون العربية او غيرها من اللغات والاهم يحرم من ذلك ابناءنا وبناتنا الناطقين بالعربية من هذه المزايا ، ما يعود وينعكس علينا من مصائب نعاني منها اليوم من ضياع للهوية وفقدان للذات و ياله من ضعف ايمان بالذات والقدرات والإمكانيات ، ويا لها من علة عظيمة تصيب المجتمع وتنهش به يوميا على حساب ثقافته وحضارته ، حيث يطرح على هامش مجرى ومسير الأمم المتقدمة والحضارات .. اننا بأمسّ الحاجة لتوعية الاجيال باستخدام لغتنا العربية العظيمة ، وكل الدلائل تثبت بان الحصيلة العلمية لأي دارس بلغته هي افضل من المتلقى بلغة أجنبية .. وان خبراء الاجتماع والتربية يؤكدون ما يعانيه التلاميذ الدارسون بالأجنبية عن عجزهم عن التعبير عن أنفسهم وكذلك انعكاس تعلمهم بالأجنبية سلبا على أداءهم التعليمي والتربوي ..ناهيك عن إحساسهم بالغربة عن مجتمعهم فيما بعد والأخطر فقدانهم الشعور بالانتماء الوطني والقومي وغيره مما يربط الامة وما لذلك من انعكاسات خطيرة على ضياع الهوية الحضارية والقومية والثقافية .. ننصح بتبني مشروع إعادة استخدام اللغة العربية وبكل المجالات وعلى كل المستويات ، وذلك بطرح استراتيجية متكاملة تعود على الفرد والمجتمع بالفائدة العلمية والثقافية والمادية ايضا. وتحفيز مستخدميها فضلا عن إيجاد الطرق الكفيلة بنقل المعلومة ؛ وذلك بتحفيز الترجمة السريعة للعلوم والتطور التكنولوجي لمواكبة العصر..وفرض ذلك في المؤسسات الحكومية والخاصة .. كما وندعو علماء وخبراء الاجتماع والتربية بالقيام بدورهم المناط بهم بالتنبيه المستمر ودق ناقوس الخطر لمخاطر استبدال اللغة العربية على الفرد والمجتمع وخطورة التقليد ، بل وجود استراتيجيات تعليمية نكتسب عن طريقها العلوم ونحافظ على كياننا كأمة .. جل احترامي