قرأت مقالاً للأستاذ عبدالله الجميلي بعنوان "هيئة الاستثمار .. أسئلة بريئة" في جريدة المدينة بتاريخ 02/05/1433ه وقد شدني طرحه الرائع، حيث وضع النقاط على الحروف لما يحدث في المدن الصناعية الجديدة، من تأخير في إنجاز هذه المدن، والتي أنجزت لم تؤت أكلها بل جلبت غلاء الأراضي في تلك المناطق ولم توفر وظائف للعاطلين ولم يربح منها المكتتبون، وسؤالي للجميلي وللجميع .. هل المشكلة تخص هيئة الاستثمار وحدها؟ وأين دور هيئة مكافحة الفساد وتأخرها عن حل لغز هذه المدن؟. وعند حديثنا عن هيئة الاستثمار تذكرت قصتين وقعت أولاهما لأحد أصدقائي من أحد الجنسيات العربية حيث كان يمتلك في بلده مؤسسة صغيرة للأعمال المحاسبية وقد أجبرته الظروف لإغلاقها والعمل في السعودية، كان ذا عقلية تجارية متطورة .. ذهبت معه لزيارة مكتب هيئة الاستثمار في أحد المدن السعودية الكبرى، وذلك لمعرفة ماهية الاستثمار الأجنبي وشروطه ومتطلباته، فكان موظف هيئة الاستثمار (الشهم) سداً منيعاً لأي محاولة للاستثمار الأجنبي، حيث أفادنا بأن السعودية غير محتاجة للمشاريع الاعتيادية ويجب على المستثمر الأجنبي أن ينشأ مشروعاً يضيف به خدمات جديدة للسوق الصناعي والتجاري مثل تنقية البيئة. ضحكت من طريقة تطفيش المستثمر الأجنبي على يد الموظف الوحيد (المتواجد) في مكتب هيئة الاستثمار، وكأن الموضوع له علاقة بالسعودة وسيطرة الأجانب على الوظائف العليا واستحواذهم على النسبة العظمى من وظائف الشركات، فمن يفهم موظف هيئة الاستثمار بأن الاستثمار الأجنبي يخلق فرصاً وظيفية للسعوديين ويساعد في مسيرة التنمية. أما القصة الأخرى حدثت لشركة سعودية عملت بها، والتي لم تستطع مقاومة ظروفها الداخلية والمؤثرات الخارجية، مما حدا بها لطلب العون والإنقاذ من أحدى الشركات الهندية العالمية العاملة في نفس المجال، وذلك بإدخالها كشريك مشغل ومطور للشركة الأساسية، وبالفعل كانت فرصة سانحة للشركة الهندية في وضع أول قدم لها في السعودية وهو أحد أهدافها الإستراتيجية، بعد أن تمكنت من دخول السوق الأمريكي والإيطالي، الشاهد من القصة أنها لم تتمكن من إنهاء التراخيص الحكومية على اختلافها إلا بعد سنة من إدارتها للشركة – رغم وجود شريك هامور وشريك أمير – وقد صعق (الهنود) من الاستثمار الأجنبي وتعقيداته إبتداءً من ترخيص هيئة الاستثمار وحتى الحصول على السجل التجاري ثم التأشيرات. في بداية عمل الشركة الهندية مع الشركة السعودية كانوا يرددون على مسامعنا التسهيلات التي حصلوا عليها في أمريكا وإيطاليا وحتى الإمارات، وبعد مرور الأشهر تلو الأشهر دون تقدم في معاملتهم في هيئة الاستثمار أصبح حديثهم لا يتعدى وجود معوقات غير منطقية وطلبات تعقيدية تطلب من المستثمر الأجنبي لم يشاهدوا مثلها في أي بلد وصلوه قبل وصولهم السعودية. نكزة : أي استثمار أجنبي مع كل هذه العراقيل والتعقيدات وأي استثمار أجنبي في مشاريع تنقية البيئة وقد يتطور الطلب ليشمل تبليط البحر و دهن الهواء .. أتمنى من هيئة مكافحة الفساد بدلاً من الزيارات الودية لبعض الوزارات ! أن تقوم بالتحري عن أسباب هذه المعوقات للاستثمار الأجنبي، وتنظر في أسباب تردي حال بعض المدن الصناعية وماجلبته من ارتفاع في أسعار الأراضي وحبس أنفاس المكتتبين في تلك المدن الصناعية. والله أعلم