دعوني أدعوكم اليوم الى حصة في الندم ، الشعور الذي عرفناه وذقناه في لحظات كثيرة وفي أمور بسيطة أو كبيرة لكن غالبا ما تكون العظة واحدة و النتيجة محتومة ، وللإيضاح أكثر نجد أننا عندما نمر بتجربة فاشلة تم بنائها على قرار خاطئ لا نندم بعدها لأننا اتخذنا القرار الخطأ بل نندم لأن الحظ لم يحالفنا ، دون أن نعي أن المشكلة أكبر وأعمق وأنها لا بد ان تتعلق بآلية التفكير أو طريقة حساب المعطيات والنتائج. وأكبر دليل على ما أقول هو انه لو وجدت فرصة ثانية لو جدنا أن نفس القرار سيتخذ مرة أخرى، حينها يصيبني العجب حيال هذا الأمر، فليس من المعقول ان يقع الناس في الحفرة ذاتها مرتين, والأسوأ أن لا أحد يتخذ الحذر في خوض التجربة الثانية وكأن ما حصل حادثة خارجة عن السيطرة ولم تكن نتيجة لعمل أحمق, وأذكر ذات مرة أخبرتني فيها امرأة عجوز أنه لو فكر نصف الناس بعقولهم كما يفترض أن يفعلوا لاجتنبوا مصائب كبيرة. والغريب أن كثيراً من الناس يظلون يعانون من مرارة الندم ويقضون جل وقتهم وهم يفكرون في الطريقة التى ستخلصهم من شعور اللحظة دون التفكير في حل جذري يعالج المشكلة من الأساس وبعواقبها إن استمرت دون حل. أما الأسوأ فأولئك المحظوظون الذين يحظون بفرص عديدة لكنهم يسحقون كل واحدة منها وكأنهم يفضلون تجرع كأس الندم حتى النهاية فقط ليملؤه مرة أخرى بأيديهم لا بأيدي الآخرين ، غير عالمين ان الندم هو صراخ النفس الداخلية لإيقاظهم من الغيبوبة التي يغرقون فيها. وختاما أستطيع القول: أن الندم يظل درساً بالغ الصعوبة لكن أجمل ما فيه أن حصة واحدة منه اكثر من كافية لبقية العمر. رؤى صبري *