أتمنى أن أجد إجابة شافية لهذا السؤال الذي يتردد في ذهني كثيراً وأتذكره كلما قرأت أي موضوع يدور حول الغرف التجارية، وهو لماذا أعضاء الغرف التجارية وحتى الرئيس ونائبه ورؤساء اللجان في كل المناطق يكونون من التجار؟ ولماذا يتدخلون في قرارات تصب في مصلحة التجار والمواطنين على حد سواء ولا يتم إشراك المواطن. أين هي وزارة التجارة من هذا المفهوم المتعارض مع مصالح المواطنين، فلماذا تشرك التجار في اتخاذ ما يرونه مناسب لتجارتهم؟ والمواطن هو المتضرر الأول والأخير من قرارات اللجان المستبدة، مع أن المواطن هو من يستطيع تحديد احتياجاته، ومشاركته مع الوزارات في هذه القرارات سوف يكون أنفع من اشراك التجار، لأن غالبية التجار لا يرون إلا مصالحهم الخاصة ولا تهمهم مصلحة المواطن. وبنفس المنهجية الخاطئة تكونت المجالس البلدية، فالأعضاء أكثرهم من التجار وهوامير العقار، فهل نتوقع منهم الاهتمام بمصالح المواطنين؟ أم التيسير على أنفسهم وتسهيل ما يخدم مخططاتهم العقارية ومجمعاتهم التجارية .. الخ، مع أنني أجزم بأنها لو أوكلت للمواطن البسيط لاستطاع القيام بالمهام على أتم وجه وبأفضل الخيارات. وهذا المثال (للتوضيح) .. فلو افترضنا أن رئيس لجنة الاستقدام يمتلك شركة من شركات الاستقدام الجديدة، فهل نتوقع أن تكون رئاسته للجنة الاستقدام تمثل المصلحة العامة وتطلعات المستفيدين من الاستقدام؟ وبالمثل فلو كان رئيس لجنة الأغنام مالكا لأحد شركات استيراد الأغنام من الخارج فهل نتوقع أن يهتم بتوفير الشعير والأعلاف وبأسعار مناسبة لمربي الاغنام السعوديين؟ أم أنه سيعمل فيما يخدم مصلحته ويرفع من أسعار الماشية في السعودية حتى تتجه الأنظار لبضاعته، وتتحول شريحة من الشعب لشراء الأغنام المستوردة لأن السعر منافس وجذاب، حتى لو كانت أقل جودة وغير متوافقة مع العادات. وبالعكس تماماً فعضوية مجلس الشورى يجب أن تكون من جميع فئات المجتمع لتشمل الغني والفقير، التاجر والمستهلك، المثقف والعامي، الكبير والشاب، المدني والقروي، البدوي والحضري، لأن مجلس الشورى يهتم بمختلف القضايا والاحتياجات والتطلعات، ويخدم جميع المناطق، وبالتالي فإن إشراك جميع الشرائح يخدم وصول جميع الأصوات والطلبات ومايهم الشعب السعودي دون النظر للفروق الإيدولوجية. أعتقد أن عضوية الغرف التجارية والمجلس البلدي يجب أن تقتصر على المواطن البسيط (المستهلك) وأن تكون العضوية عبارة عن وظيفة متكاملة تقتضي تفرغ شاغلها، وأن لا يشغلها أي تاجر أو عقاري، لأن نسبة الفائدة من اشراك التجار منخفضة جداً مقارنة بنسبة الفائدة من إشراك المواطنين، وفي اعتقادي بأن العلاقة بين الفائدة والضرر عكسية دائماً بالنسبة للمواطن والتاجر عند إشراك التاجر في عضوية الغرف التجارية، فلما المخاطرة ووضع أعناق المواطنين بين كفوف التجار يتلاعبون بها كيفما شاؤوا . نكرة : أتوقع أن بعض الوزارات غير مسرورة من تدخل التجار في قراراتها .. ولكن مالذي يمنع هذه الوزارات من تطبيق قراراتها دون الرجوع لهؤلاء التجار أو حتى دعوتهم لحضور الاجتماعات .. وإذا كان النظام يمنح التجار مساحة من التدخل، فلن تكون هذه مشكلة لأن لدينا الكثير من الأنظمة معطلة ولو عطلنا هذا النظام بالذات لفرح المسؤول ورقص المواطن. والله أعلم