قال الله تعالى:( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ) فماذا قدمت يا ترى؟! لا بد من مواعظ موقظة ورقائق مؤثرة تذهب الران وتزيل الغشاوة وتجدد الإيمان في القلب،كان ولا زال العلماء والصالحون حريصون على سماع وقراءة المواعظ والرقائق لأن القلوب تصدى والإيمان يضعف ولا بد من موقظات ومؤثرات تعيده إلى خشوعه وخضوعه وجده وعمله. أخي . . ماذا قدمت ليوم عظيم ينتظرك؟ ماذا قدمت للآخرة؟ موت وقبر وبعث ونشر وحساب وجزاء فماذا قدمت،وبماذا استعديت لتلك المواقف الرهيبة والمهيبة والجليلة؟! ولو أنا إذا متنا تركنا *** لكان الموت راحة كل حي ولكنا إذا متنا بعثنا *** ويسأل ربنا عن كل شي عبد الله ماذا أعددت للموت وسكراته والقبر وظلماته والحشر وروعاته؟ لمّا حضرت الوفاة أحد السلف العاملين المجتهدين قال: ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا ؟ ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه ؟! تجهز إلى الأجداث ويحك والرمس *** جهازاً من التقوى لطول ما حبسِ فإنك ما تدري إذا كنت مصبحاً *** بأحسن ما ترجو لعلك لا تمسي الموت أعظم واعظ وخير مذكّر وما بعده القبر منظر رهيب ومصرع عجيب فماذا أعددت لبيت الغربة والوحشة،ماذا أعددت للقبر ولأول ليلة في القبر؟ ماذا أعددت لليلة صبيحتها يوم البعث والنشور؟ أما علمت أنها ليلة عجيبة،بكى منها العلماء وشكا منها الشعراء،وشمر لها الصالحون الأتقياء؟ فارقت موضع مرقدي *** يوماً ففارقني السكون القبر أول ليلة *** بالله قل لي ما يكون وعظ عمر بن عبد العزيز رحمه الله يوماً أصحابه فكان من كلامه أن قال: إذا مررت بهم ( أهل القبو ) فنادهم إن كنت منادياً وادعهم إن كنت داعياً ومر بعسكرهم وانظر إلى تقارب منازلهم .. سل غنيهم ما بقي من غناه واسألهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون وعن الأعين التي كانوا للذات بها ينظرون .. واسألهم عن الجلود الرقيقة والوجوه الحسنة والأجساد الناعمة ما صنع بها الديدان تحت الأكفان؟! أكلت الألسن وغفرت الوجوه ومحيت المحاسن وكسرت الفقار وبانت الأعضاء ومزقت الأشلاء فأين حجابهم وقبابهم؟ وأين خدمهم وعبيدهم؟ وجمعهم وكنوزهم؟ أليسوا في منازل الخلوات؟ أليس الليل والنهار عليهم سواء؟ أليسوا في مدلهمة ظلماء؟ قد حيل بينهم وبين العمل وفارقوا الأحبة والمال والأهل. فيا ساكن القبر غداً ما الذي غرك من الدنيا؟ أين دارك الفيحاء ونهرك المطرد؟ وأين ثمارك اليانعة؟ وأين رقاق ثيابك؟ وأين طيبك وبخورك؟ وأين كسوتك لصيفك وشتائك؟ .. ليت شعري بأي خديك بدأ البلى .. يا مجاور الهلكات صرت في محلة الموت! ليت شعري ما الذي يلقاني به ملك الموت عند خروجي من الدنيا وما يأتيني به من رسالة ربي.. إخوتي: تفكروا في الذين رحلوا أين نزلوا ؟ وتذكروا القوم نوقشوا وسئلوا واعلموا أنكم كما تعذلون عذلوا ولقد ودوا بعد الفوات لو قبلوا ولكن هيهات هيهات وقد قبروا. عبد الله ماذا أعددت ليوم القيامة؟ يا له من يوم عظيم تشيب لهوله الولدان:( يوم يكون الناس كالفراش المبثوث * وتكون الجبال كالعهن المنفوش ) يا له من يوم عسر ولكنه يسير على المتقين الذين أعدوا له عدته فكان خير يوم لهم جزاء وإكراما ليوم الحشر قد عملت أناس *** فصلوا من مخافته وصاموا ولكن الشقي يندم ويتحسر ويعض أصابع الندم ( يقول يا ليتني قدمت لحياتي ) إخوتي: انظروا ماذا قدمتم للآخرة،لينظر كلٌ منا ماذا قدم لغده الموعود ويومه المنتظر وداره الحقيقية الخالدة قبل أن يفجؤه الأجل فيندم ولات ساعة مندم كان يزيد الرقاشي رحمه الله يقول لنفسه: ويحك يا يزيد! من ذا يصلي عنك بعد الموت؟ من ذا يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا يترضى عنك بعد الموت؟ ثم يقول: أيها الناس ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم؟ من الموت موعده،والقبر بيته،والثرى فراشه،والدود أنيسه،وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر .. كيف يكون حاله ؟! ثم يبكي رحمه الله . اللهم أحينا على السنة وتوفنا على السنة واحشرنا في زمرة نبيك محمد وصحبه وتوفنا وأنت راض عنا غير غضبان،اللهم هون علينا ما أمامنا،ويسر حسابنا واغفر ذنوبنا وكفر خطايانا واجعلنا من عبادك الصالحين يا أرحم الراحمين . عبد الله عوبدان الصيعري - شرورة