أكتُبْ هذه الليلةْ ولكن دَعْكَ من الذاكرةْ فأنتَ لستَ بحاجةٍ لشَحذِها لأنَّكَ وُقودها ومن يحيا فيها .. لستَ بحاجةٍ لصورةْ أو لمنديلٍ أَبيضَ نَديّ يَعبقُ فيهِ عِطرُها ويُصلي ولستَ بحاجةٍ لقُبلةٍ بعيدةْ تنتزِعُها همساً من جُملِها .. لو أَنَّكَ عابرٌ فيها لكان هذا أَرحمَ لوَقْعِ كلماتِكْ .. على جسدِ صفحاتِكْ ولرحلتَ عنها كالرحيلِ عن مدينةٍ مقيتةْ ولكنكَ تحيا فيها .. تحيا في كلِّ ركنٍ وفي كلِّ شارعٍ وتنهيدةْ أنتَ المُشرّدُ والمُتشرد ولن تفتحَ أَبداً باب نسيانِها لاستقبالِكْ .. أَنتَ المتسكعُ رغماً عن كبريائك في مدينةٍ عتيقةْ كعتقِ زُجاجةِ نبيذٍ ثمينةْ .. أتذَّوق حزنَها وأشتَم رائحةَ شوقِها فالنِسيانُ لم يَحنْ موعدُهُ بعد وما زالَ أَمامكَ مُتسع لوضعِ الصورة وبعض أَيامِك نُصبَ قَدَرِكْ .. أَنت تحيا في مدينةِ أَحلامكْ ولا موعِدَ رحيلٍ لكَ عنها لا محطةً أَخيرةْ لقطارِ دمعك .. لا ميناءَ حبيبةْ السفينةِ عودَتِك .. هذا المساء أنتَ لِصَمتكْ وإحصاءِ نجماتِ في إحصائِكْ .. فبصيرتُكَ أقوى من بصرك .. امنَحْ القمرَ ذاكرتكَ وتفحَّص ما وراءهْ واصرخ بكلِّ ما أُوتيتَ من وطنك لعلّكَ تجدُ إلهاً يستمعُ لهُ .. ويشعر بأوجاعِهْ – أكتُبْ هذه الليلةْ ولكن دَعْكَ من الذاكرةْ فالأزقة فارغةْ وصداكْ لا يُرددْ سِوى لا نسيانكْ ... الأسير باسم الخندقجي