خادم الحرمين الشريفين ينتصر للمرأة السعودية, كان الخبر الأبرز لشغل المرأة السعودية في السلك الدبلوماسي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيزحيث تم قبل أيام تعيين الدكتورة موضي الخلف مديرة للشؤون الثقافية والاجتماعية بالملحقية الثقافية في واشنطن وقبل أكثر من عام تم تعيين الدكتورة نورة الفايزلشغل منصبا حكوميا وزاريا وهو نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنات , كما تم تعيين الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد مديرة لجامعة الرياض للبنات والدكتورة مها أركوبي مديرة للجامعة العربية المفتوحة والدكتورة هيفاء رضا جمل الليل مديرة لجامعة عفت . وتم تعيين مستشارات في مجلس الشورى , وربما لا مانع مستقبلا من التعيين في مجالس الافتاء وحتى في سلك القضاء طالما أن عملهن ضمن الضوابط الشرعية . الاختلاط بين الجنسين لا أحد عاقل يجيزه اذا كان فيه اهانة لكرامة المرأة واباحية لأنوثتها لكن لماذا نعارضة في زمن العولمة والانفتاح طالما نحتفظ بهويتنا الاسلامية ؟ فالأسواق والمجمعات التجارية والمواصلات والطائرات ودور العلم يستحيل قصرها على الرجال ؟ هذه دلالات واضحة فرضت نفسها أن المرأة السعودية لم تعد حبيسة الجدران , بل تشارك في اتخاذ القرارات مثل الرجل كونها نصف المجتمع , وتغييب دورها طوال سنوات كان لأسباب اجتماعية فقط , فكان يتم تزويجها أحيانا دون موافقتها, ويتم طلاقها مرة ومرتين دون ذنب وليس لها حول ولاقوة لأن الزواج تم بالسر حتى منع بعض الناس النظرة الشرعية وبعضهم الاخر ظنها حكرا للرجل , وبعضهم يستفرد برواتب ابنته أو مخصصاتها من الضمان الاجتماعي ويحرمها الزواج . المرأة السعودية اليوم تشارك في المؤتمرات العالمية , لتمثل بلدها وهي في كامل حشمتها أدبا وخلقا , كما تبتعث مثل غيرها من الطلاب لدول العالم لتلبي فريضة العلم التي ربما أنكرها البعض سابقا , وتعود لوطنها طبيبة ومحامية ومهندسة ومذيعة ومربية وسيدة أعمال . المدارس كانت غريبة في بداياتها حتى أن بعض الأهالي كان يرفض ارسال بناته للمدرسة , وبعد أن تبين أثر التعليم تنوعت المدارس حكومية وأهلية وعالمية , وفتحت الكليات والجامعات , وانتقلت الفتاة السعودية من مجرد عاطلة مركونة في البيت الى أم مربية فاعلة قادرة على تخريج جيل محصن بالعلم والاسلام , بعيدا عن الغلو والتشدد والتطرف والتكفير . لقد كان القرار الحكيم بدمج شقائق الرجال في المجتمع , كفيلا بتجاوبنا مع التغييرات الدولية دون انتقاص لا سمح الله من ثوابتنا الشرعية , الرجل والمرأة كائنان بشريان يعيشان على نفس الكرة الأرضية , والمبالغة في تصوير الاخر وكأنه غول مفترس متعطش للغرائز , سيدفعنا الى مزيد من البعد عن الصواب . المجتمع السعودي اليوم يمتلك طاقات بشرية ناجحة صناعيا واقتصاديا وتجاريا ودخول المرأة الى أيقونة النجاح هوتكامل وطني حقيقي في المشاركة وتقاسم الأدوار . القرار الأخير مثلا , بتشغيل النساء على الكاونترات في المجمعات التجارية يلامس كل معايير التقارب والتصالح بين الثوب الأبيض والعباءة السوداء , بجعل هذا الكائن الذي تم اقصاؤه سنوات أن يخرج ويتنفس ويخفف البطالة والعنوسة والطفش , كما يدعم بنت الوطن في كسب العيش الحلال , وبالتأكيد تأنيث المحلات النسائية التي تبيع الملابس الداخلية يحافظ على خصوصية المرأة ويمنحها مساحة من الأريحية في الانتقاء . في عهد خادم الحرمين الشريفين حظيت المرأة السعودية بكامل حقوقها المعقولة , التي مكنتها من الخروج للنور والانخراط في معترك الحضارة , فلم يعد بالامكان تغطية الشمس بالغربال في زمن النت والجوال والفضاء المفتوح فلدينا في الشرق الأوسط أكثر 1100 قناة ناطقة بالعربية ؟ والذين كانوا يعارضون وضع اللواقط على أسطحهم أول من سارعوا لاقتنائه بعد أن شرعت المملكة وغيرها بالتوسع في القنوات الدينية والاجتماعية . الاعلام الخارجي سابقا صور الفتاة السعودية بأنها لا تقوم بأي نشاط حياتي سوى الزواج ورعاية العائلة , لكن الوفود التي تزورنا حاليا تثني على ما وصلت اليه المملكة من تطور بجهود مشتركة من الجنسين , وتنافس حتى في المراكز القيادية , وغير القيادية بدورات حديثة لتأهيل فتيات في مجالات لم تتنبه لها أكثر المجتمعات رقيا مثل أعمال الكهرباء والسباكة وصيانة الكمبيوتر . لم تعد ابنتنا بقعة سوداء أو خيمة قاتمة كما يصورها بعض الجاهلين في الدول الغربية بل داخل عبائتها كيان انساني وحياة وأحاسيس وكبرياء وستر من الله , علينا التوقف عن اقصائها ومنحها حقها الرباني , فهل معقول أن يتم حرق نادي أدبي لأن أنثى تحدثت فيه أمام الرجال ؟ وهل معقول أن نسبة الطلاق العادي والمسيار والعنوسة في تخمة , ولا نقيم ندوة أومؤتمر أو مجلس شورى لمناقشة الكارثة ؟ وهل معقول أن نزوج طفلة لرجل تسعيني ونقول هذا نصيبها ؟ وهل معقول ان تقوم بعض زوجات الأباء بكي أطفال زوجها بالنار انتقاما منهم وهي مسلمة ؟ والخادمات المنتشرات في منازلنا المغرمات بالسحر والسرقة وغياب الضمير كيف نترك أطفالنا في أحضانهن ؟ المرأة السعودية يجب أن تساهم في علاج كافة القضايا لأنها الأقدر على حل بعضها محليا ودوليا . نبارك للدبلوماسية الدكتورة الخلف , ونثمن دور كل المخترعات والباحثات والمبتعثات اللواتي يشجعن على تعزيز دور المرأة في المجتمع ؟ أما السؤال الذي تم الرغي به كثيرا , لماذا لا تقود المرأة السعودية السيارة ؟ كان الجواب الشافي هو ما رد عليه خادم الحرمين الشريفين بأن المرأة أم وأخت وزوجة ولكن الوقت غير ملائم . الفكرة ليست مرفوضة , ولكن الوقت غير مناسب . بقلم :فطين عبيد