الزواج شرع في الدين الإسلامي الحنيف لحكمٍ عظيمة، وغايات نبيلة، تتلخص في تحقيقه لمصالح كثيرة في الدنيا والآخرة ليس للأفراد فحسب بل وللمجتمع والأمة عامة، وهذه المصالح تتحقق عندما يتم عقده وفق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، ويطلق على هذه المصالح الآثار الإيجابية للزواج، ولكن عندما يجرى هذا العقد على خلاف ما جاءت به الشريعة الإسلامية تختل تلك الحكم والمصالح، وينتج عن ذلك آثار سلبية على دين الإسلام الحنيف والدعوة إليه وانتشاره ، وعلى المجتمع، وعلى الفرد الممثل بالزوجة، فنستفيد من ذلك أن أي نوع من أنواع الزواج تنتج عنه آثار سلبية ظاهرة لا بُدَّ أن يكون في عقده خلل في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وبالتالي يؤثر ذلك في إصدار حكم عليه من جهة الحل والحرمة. ويضيف الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن محمد الحجيلان عضو هيئة التدريس بقسم الفقه بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية وعميد شؤون المكتبات بجامعة القصيم ومؤلف كتاب (الزواج السياحي): وإذا رجعنا إلى ما نحن بصدده وهو الزواج السياحي والذي تطرقنا اليه الاسبوع الماضي وأردنا تطبيق ذلك عليه وجدنا أن له آثاراً سلبية كثيرة على الدين الإسلامي، وعلى المجتمع، وعلى الزوجة ،ومن أبرزها ما يلي: الآثار السلبية على الدين الإسلامي عموماً: 1– أثر على الدعوة إليه وانتشاره في كثير من البلدان غير الإسلامية، نتيجة لتشويه صورته وصورة أتباعه بمثل هذا النوع من الزواج الذي أكبر دافع إليه الإشباع المؤقت للرغبة الجنسية دون مراعاة لمقاصد الزواج في الإسلام، ولا للأضرار التي تلحق بالطرف الآخر وهو المرأة بعد طلاقها عند نهاية الإجازة الصيفية ، فكيف سيقبل الناس بهذا الدين ويدخلون فيه إذا رأوا مثل ذلك!!، بل قد يرتد بعض من هو حديث عهد بالإسلام إذا رأى مثل ذلك من بعض المسلمين، وقد حصلت حالات فردية من ذلك. 2– استغلاله من قبل أعداء الإسلام على اختلافهم في النيل من دين الإسلام وأهله إذا رأوا إقدام البعض على مثل هذا النوع من الزواج، وذلك بوصفهم له بأنه دين يسعى إلى إشباع الرغبة الجنسية لأتباعه بأي طريقة، ولو كان على حساب ظلم المرأة واستغلالها، بل قد يستغلونه في الرد على المسلمين عندما ينتقدونهم في موضوع تحرير المرأة واختلاطها بالرجال في العمل وتكشفها مما يجعلها سلعة متاحة للرجل، وأن هذا من الظلم لها واستغلالها. ويزداد الأمر خطورة في هذا الوقت الذي تُشَنُّ فيه حرب إعلامية على دين الإسلام وكتابه ورسوله، حيث أصبح الشغل الشاغل لكثير من وسائل الإعلام المختلفة في الشرق والغرب إثارة الشبه ضد الإسلام والمسلمين عموماً، وفي جانب معاملة المرأة على وجه الخصوص. اما الثاني فهو الآثار السلبية على المجتمع وعنه يقول: لا تقتصر الآثار السلبية لهذا النوع من الزواج [الزواج السياحي] على مجتمع المرأة «الزوجة» بل يشمل مجتمع الرجل «الزوج». فمن آثاره السلبية على مجتمع المرأة «الزوجة» ما يلي: 1– شعوره بالنقص والنيل من كرامته والاستغلال من قِبَل مجتمعات الدول الإسلامية الأخرى التي يفد منها هؤلاء السياح نتيجة لحالته الاقتصادية الضعيفة في الغالب مما قد يورث حقده على تلك المجتمعات والوافدين منها، وقد يدفع البعض إلى التشفي والانتقام. 2– كثرة المطلَّقات في هذا المجتمع مما ينشأ عنه أضرار ومساوئ اجتماعية ونفسية وأخلاقية كثيرة ومتنوعة نظراً إلى أن أغلب حالات الزواج السياحي تنتهي بالطلاق بعد انتهاء إجازة السائح وعودته إلى بلده. وقد تبين من الدراسة التي أجراها الدكتور فؤاد الشبامي أن 70% من أفراد عينة البحث قد وقع لهن طلاق مباشر بطرقٍ شتى من بينها الطلاق في البيت في اليمن، أو عبر البريد، أو الفاكس، أو المحكمة، أو سفر أحد أقاربها إلى بلد الزوج السائح للحصول على وثيقة الطلاق، فيما بقي 30% دون طلاق ولكن انتهى الأمر بالفسخ لتغيب الزوج المدة التي حددتها الشريعة الإسلامية. 3– وجود أطفال ليس لهم عائل ولا مربي، وقد لا يحصلون على هوية رسمية، مما قد يؤدي إلى انحرافهم أخلاقياً وسلوكياً نتيجة ضعف التربية بالإضافة إلى عدم الحصول على حق التعليم النظامي والحقوق الأخرى؛ لعدم وجود وثائق رسمية لديهم، وهذا نتيجة لرجوع الأب «السائح» إلى بلده أو ترك الأم «الزوجة» دون اعتبار لما إذا كانت حاملاً منه أو لا، ودون عودة؛ لأنه قد قضى مراده منها وهو قضاء الوطر الجنسي، فيشكل هؤلاء الأطفال عبئاً على المجتمع وخطراً يهدد أمنه واستقراره. 4– لتخفيف الآثار السلبية التي حصلت بسبب إقدام البعض على هذا الزواج ونحوه ونتج عنه إنجاب أولاد وانقطعت بهم السبل تم في المملكة العربية السعودية تكوين لجنة خيرية اسمها «الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج» وتعرف اختصاراً ب «أواصر» ويترأس هذه الجمعية فخرياً صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز، وزير الداخلية – حفظه الله –، ولها مجلس إدارة، ولها جهود متنوعة منها بالإضافة إلى الرعاية إعادة الأسر للوطن، وتهيئة فرص عمل لهم، كما تقوم بجهود حثيثة في التوعية بمخاطر الزواج من الخارج بجميع أشكاله ، مؤكدة على ضرورة الالتزام بالإجراءات النظامية الرسمية الصادرة في هذا الشأن التي تحد من الآثار السلبية التي قد تنشأ عنه، وقد أوضح رئيسها الأستاذ عبدالله الحمود أن الجمعية تدرس إنشاء مكاتب لها في السفارات السعودية لخدمة الأسر المغتربة. وأضاف د. الحجيلان: من آثار هذا الزواج السلبية على مجتمع الرجل «الزوج » ما يلي: 1– يؤدي إلى الإحجام عن الزواج المستمر الذي حثَّت عليه الشريعة الإسلامية والذي يحقق الألفة والمودة والرحمة بين الزوجين، وتحصل به الذرية الطيبة ويكون المجتمع الصالح المتكافل المترابط الذي يشد بعضه بعضاً ، فالأسرة المكونة من الزوجين والأولاد ما هم إلا لبنة في ذلك المجتمع. 2– إنه يزيد في انتشار ظاهرة العنوسة فيه بصورة أكبر، حيث إن كثيراً من المجتمعات التي يُقِدم بعض أهلها على هذا النوع من الزواج تعاني في الأصل من هذه الظاهرة وتعمل الجهات المختلفة فيها بجهود حثيثة للحد من هذه الظاهرة، فيكون هذا الزواج مناهضاً لتلك الجهود ، ويتمثل ذلك في أن كثيراً من الشباب الذين من المفترض أن يتزوجوا من بنات بلدهم زواجاً شرعياً معتاداً ويساعدون في تخفيف العنوسة يكتفون بالزواج السياحي الذي يرون أنه يحقق مقصدهم في إشباع غرائزهم دون التزام بمسئوليات أسرية، وبتكلفة مادية أقل مع حرية أكثر،ويسافرون لهذا الغرض في كل إجازة. 3– نقل كثير من الأمراض المعدية والخطيرة من الأمراض الجنسية كمرض نقص المناعة المكتسب «الايدز» وغيرها كالوباء الكبدي إلى المجتمعات المحافظة التي لا تعرفها من قبل. وعن الآثار السلبية على الفرد قال : لا تقتصر الآثار السلبية لهذا النوع من الزواج [الزواج السياحي] أيضاً على المرأة (الزوجة) بل تشمل الرجل (الزوج) . فمن آثاره السلبية على المرأة ( الزوجة ) ما يلي: 1– الصدمة النفسية القاسية الناتجة عن الطلاق المفاجئ، أو سفر الزوج دون طلاق وتعليقها ، خاصة إذا كان هناك وعود وهمية منه بالسفر بها معه إلى بلاده وتوفير سبل العيش الرغيد، ويزاد الوضع سوءاً بالنسبة لها إذا تبين أنها حامل وقد يتطور وضعها فتصاب نتيجة ذلك بأمراض نفسية أو عضوية. 2– عزوف الخُطاب عن التقدم لخِطبة هذه الفتاة المطلَّقة أو المفسوخة؛ لكون الشباب يرغبون غالباً في فتاة لم يسبق لها الزواج كما هو معلوم ، ويتضاعف العزوف إذا كانت قد أنجبت مما يؤدي إلى عنوستها ، بل قد تبقى طول حياتها بلا زوج ولا أولاد ، وهذا ضرر ظاهر ومصيبة كبيرة يحمل وزرها ذك السائح الذي كان أكبر مقاصده إشباع رغبته الجنسية دون مبالاة بما يترتب على ذلك. 3– تحمل عبء مسؤولية تربية الطفل إذا كانت قد أنجبت، وكذا الإنفاق عليه ، فتحصل لها خلاف ما وعدت بها وما أرادته من هذا الزواج من الحصول على المال الوفير ورغد العيش ، مع الأخذ في الاعتبار أن غالب من يقبلن بهذا الزواج هن من العائلات الفقيرة أو متوسطة الحال. 4– الإصابة ببعض الأمراض المعدية ، ليس الأمراض الجنسية فحسب ، بل قد تكون غيرها، وقد تكون من الأمراض الخطيرة التي تؤدي إلى الوفاة في العادة كمرض نقص المناعة المكتسبة «الايدز» ، والوباء الكبدي ونحوها ، وقد أثبت الطب الحديث أن كثيراً من هذه الأمراض يكون سبب العدوى بها في الغالب هو الاتصال الجنسي، وبعض من يُقْدِمون على الزواج السياحي في كثير من الأحيان هم ممن اعتاد عليه وكرره في أكثر من بلدٍ ومع أكثر من امرأة، بل إن بعضهم يتزوج بعدد من الفتيات في السفرة الواحدة، وقد تكون إحدى هذه الفتيات مصابة بمرضٍ معدٍ فيحمله هذا الرجل ثم ينقله إلى من يتزوج به بعدها، وهذا أمر واقع وثابت ، وله نماذج كثيرة. وقد يكون الأمر بالعكس بأن يصاب الرجل بالعدوى من هذه الفتاة كما سيأتي وينقله إلى أم أولاده في بلده ، وقد ينتقل منه ومنها إلا أولادهما فتقع المصيبة والجناية على الأبرياء ، وهل انتقل كثير من الأمراض المعدية الخطيرة كالإيدز إلى مجتمعات محافظة إلا بمثل هذا السبب؟؟. ومن آثاره السلبية على الرجل ( الزوج ) يقول الدكتور الحجيلان: 1– تحمل التكاليف المالية المرتفعة في كثير من الأحيان والتي تتمثل في المهر والهدايا ونفقات حفلة الزفاف ونحوها حيث سيعامل معاملة الزواج المعتاد نتيجة كتمانه لنية الطلاق عن أهل الزوجة ، وقد يستغل أكثر من غيره إذا كان من دولة معرف عن أهلها الثراء ، هذا فضلاً عما قد يتعرض إليه من نصبٍ واحتيال وهروب من الزوجة بعد العقد ودفع المهر مباشرة ، ولذلك وقائع كثيرة في أندونيسيا وغيرها . 2– الاستغناء بهذا الزوج وتكراره عن الزواج المعتاد ، مما يحرمه من نعمة الأولاد التي يسعى إليها كل إنسان سوي ، وهي أحد مقاصد الزواج في الإسلام كما تقدم، فكما أن لذلك أثراً سلبياً على المجتمع فله أثر سلبي أبلغ على الفرد ( الزوج) كما هو معلوم . 3– أن الشخص إذا أزال الحاجز بإقدامه على هذا الزواج لأول مرة سهل عليه واعتاد تكراره في كل إجازة ، وأصبح ينتظر حلولها بفارغ الصبر ، وهذا أمر واقع يعرفه من سبقت له تجربة مع هذا الزواج ، وقد حدثني أحدهم بذلك وذكر أنه إذا عاد من سفر الإجازة بعد أن تمتع بهذا الزواج عاهد نفسه على عدم التكرار فإذا أقبلت الإجازة التي بعدها بدأ شيء من داخله يدفعه إلى السفر وتكرار هذا الزواج ، وأصبحت نفسه تشتاق وتتشوف مما يدفعه في النهاية إلى التكرار، فتتكرر الآثار السلبية وتتضاعف . 4– الأضرار الصحية المحتملة جداً الناتجة عن الإصابة بالأمراض الجنسية وغيرها نتيجة العدوى عند الزواج بمن تحمل تلك الأمراض ، لعدم إجراء فحصها قبل الزواج بها ، وقد يكون المرض من الأمراض التي يتعذر أو يصعب علاجها، أو يحتاج إلى تكاليف مالية باهظة وسفريات متعددة ، وقد تكرر التحذير من ذلك من قبل الجهات الرسمية والمختصين.