قبل أن تنبأ المخابرات المركزية الأمريكية ربيع هذا العام بإمكانية زوال دولة إسرائيل الكيان خلال الخمسة عشر سنة القادمة ، معتمدة على دراسات ووقائع وأحداث كلها تأكد وتدل على صدقية البشرى وحتمية حدوثها ، والتي ما كانت لتحدث ولتقرب الشعب الفلسطيني من حقيقة الانتصار لولا صموده وصبره وتحديه وإيمانه بعدالة قضيته وبرسالة نبيه محمد علية الصلاة والسلام ، الذي بشر العرب والمسلمين اللذين من بينهم شعب فلسطين المؤمن قبل أكثر من خمس عشر قرنا بحتمية زوال وفناء دولة إسرائيل الباغية ، ( لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي ، فتعال فاقتله. . . إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود ( . ومع أنّ تقرير المخابرات المركزية الأمريكية الذي بعث الفرحة والسرور في قلوب المستضعفين في الأرض اللذين درتهم شعب فلسطين العظيم ، والذي نشرته عدة وكالات أخبار ومررته الكثير من المواقع الإلكترونية ، مر وكأنه عن أخبار الطقس على كوكب المريخ دون تعليق من المصدوعين الموتورين ، الموجوعين برؤوسهم الخربة وقلوبهم الصدأة وألسنتهم اللاهثة اللاهية التي لا تعرف الحمد والتهليل مع إظهارهم لها للتقية والحمية السياسية ، لأنها فطرت وجبلت على الردح والتطبيل والتزمير ، فمهم من بقية التسعة رهط اللذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، مع اختفاءهم تحت ظل الغطاء الوطني الذي تدرعوا ليستروا به عوراتهم ويلونون به مواقفهم ، لأنهم ببساطة يسئهم ما يسر الشعب الفلسطيني ، ويتعسهم رجاءه ويقض مضجعهم أمله بوطنه وبدولته التي أقترب منها أكثر منه لحبل الوريد ، ويحزنهم قرب وفاة دولة إسرائيل الكيان الباغية . أما السؤال المنطقي الذي تجاهلته المخابرات المركزية الأمريكية ومن يلف بفلكها ، هو كيف وصلت إسرائيل لهذا المنحنى المتوقع ؟؟؟ ، وكيف ومتى ستصل لمنعطف نهايتها المنتظر ؟؟؟ ، أما كيف !!! ، فبقوة وإيمان الشعب الفلسطيني وتحديه وصبره ومقاومته ، وبنعمة الله التي أنعمها عليه حيث أجمعوا أمرهم بينهم فأعلنوا انطلاقتهم ومسيرتهم النضالية ومارسوا مقاومتهم المشروعة ، وولى عليهم بفضله ورحمته قيادة صابرة مؤمنة راشدة جابت الدنيا من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها تنقل هم القضية وتشرح معانات شعبها ، فغيرت الكثير من مفاهيم ومصطلحات العالم لصالح قضية وشعب فلسطين ، بدأ من الأممالمتحدة التي يوشك أن ينبت لها ذراع العدالة المبتور بعد أن عاد لها بصرها وإبصارها أو كاد ، إلى موقف الدول والشعوب الأوروبية التي كانت وراء القوة النووية الإسرائيلية الفتاكة مع سريتها وضبابيتها ، ووراء قيام دولة إسرائيل 48م ووراء انتصار إسرائيل بحروب 48 و67 ، والتي غيرت وبدلت مواقفها لصالح قضية فلسطين بعد العام 1982م بفضل الصمود الفلسطيني الأسطوري خلال حرب إسرائيل على لبنان عام 82 م وبعدها ، ولبراعة القيادة الفلسطينية التي مزجت بنجاح بين المقاومة السياسية وصوت البندقية ووجهتها نحو صدر الاحتلال فقط ، وبتنسيق علاقاتها وعلى كافة الأصعدة مع الأخوة الأشقاء ، مستفيدة من تجارب الماضي المرير الذي وبسبب الطفولة والمراهقة السياسية والعسكرية ، وبسبب الحمق الفكري للبعض الفلسطيني الأوفى لإسرائيل ، كاد أن يوصل بالشعب الفلسطيني وقضيته للمحاق ، وأما متى ؟؟؟ ، فبإرادة وعزم وتصميم الشعب الفلسطيني على اختصار الوقت واختزال المسافات للوصول لغاياته وأهدافه وإلى دولته الحرة المستقلة فوق تراب فلسطين الوطني بالسلاح والإرادة والقرار الوطني ، وبإصراره وتحديه على تحقيق الوحدة والتلاحم الفلسطيني ليعلوا ويسمع صوته . وبعد رحيل الرئيس الفلسطيني الشهيد عرفات وتولي الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن لسلطاته الدستورية من بعده ، ظنت الأطراف المعادية للقضية الفلسطينية وعلى رأسها إسرائيل بإمكانية موافقته على السلام المشبوه والمشوه وبأي ثمن ، السلام غير العادل الذي ترسمه وتريده إسرائيل ، المؤذي للإرادة والأمل والحق الفلسطيني الذي لا يرضي أجيال صنع النكبة وما بعدها من أجيال الانطلاقة والعودة والدولة وتقرير المصير ، والأجيال القادمة المنتظرة زمنها في فلسطين الملتصقة حبا وضمنا وحقا بها ، إلا أنها فوجئت بتحديه وصدق وطنيته وبإصراره على حقوق شعبه وثوابته ، وبعد أن تأكدت من مواقفه وبراعته السياسية ووضوح خطابه السياسي والتفاوضي ومعرفتها أن ما تحت الطاولة عنده هو ما فوقها ، عملت جاهدة على محاولة الإساءة لشخصيته الإنسانية وسمعته الوطنية ، ومحاولة تقزيم أو إلغاء شرعيته القيادية والنضالية وحتى الفكرية ، لكنه مثل الكثيرين من الصقور الوطنية الفلسطينية التي تجوب الأصقاع وتعتلي الأعالي وتمتلك القرار والإرادة ، لم تهمه التهديدات الإسرائيلية بإمكانية تصفيته الجسدية بعد الحس وطنية ، ولا نفخ ونفث شياطين الإنس ، ولا تشويهات وإشاعات الغوغاء الدارسين في مدارس الموساد المتخصصين بالتعليق على كل موضوع يمر به ذكر النضال والفكر والموقف والصمود والرئيس الفلسطيني بعد أن يفقدوا رشدهم ويعودوا لما نهوا عنه ولم ينتهوا . ومع أنّ تقرير المخابرات المركزية الأمريكية أشار بوضوح لحتمية زوال دولة إسرائيل ، إلا أنه لم يشر مطلقا إلى الأسباب التي هيئت الظروف لذلك ، حيث أناب عنه الإعلام الصهيوني لمعرفته مصيره ولتيقنه من مصير شعبه ، فقد جاء على لسان وريث شارون البيبي نتياهو ووزير خارجيته الإرهابي إفيغدور ليبرمان بعد اجتماع مشترك للمجلس الوزاري المصغر وقادة الأجهزة الأمنية وعلى رأسها الموساد عقد مباشرة بعد إعلان الرئيس الفلسطيني رفضه المفاوضات ما لم يتوقف الاستيطان ، ( بأنّ الرئيس ابو مازن ليس الشريك المناسب لصنع السلام ، بل هو متصلب أكثر من عرفات ويجب التخلص منه وتدمير السلطة وأجهزتها الأمنية وصولا إلى انهيارها ) وهو القرار الذي بدؤوا بتنفيذه منذ العام 2002م . كما إنّ ما لم يشر إليه تقرير المخابرات المركزية الأمريكية أشار إليه بوضوح الإعلام العميل المعادي لتطلعات الشعب العربي الفلسطيني الذي أراح إسرائيل من مهماتها الإعلامية لمواجهة الحق والإعلام الفلسطيني وغطى على عملاء الموساد وأقلامهم ومكاتبهم المتخصصة بالرد والتعليق على الكتابات والمقالات الوطنية ، اللذين أخذوا يقذفون الشعب الفلسطيني وأبناءه وقيادته بأريحية وتعال وطني ، بعد الخزي والعار لإسرائيل وعملائها في العهود الوطنية الستينية والعصور الذهبية السالفة التي ميزها عن زمن الرغاء الحالي أنه ما كان ليجرؤ يهودي أو عميل أيامها على شتم فلسطين وشعبها ، فأصبحت هي والغربان والكلاب وشاريخان الدجال وضباعه تنهش أسودها وتحول تدمير البنيان الفلسطيني . كما أنّ ما لم يشر إليه تقرير المخابرات المركزية الأمريكية والإعلام الإسرائيلي والعميل وغفلوا عنه أو تناسوه وحاولوا التعتيم عليه ، هو دور الريادة والعبقرية والمقاومة الفلسطينية بشقيها النضالي والسياسي بصنع المستقبل الفلسطيني ، التي بفضل الله ورعايته ستطبق على السرطان الإسرائيلي وتعزله قبل إنهائه ، وهي من ستوصل إسرائيل الكيان إلى حتمية الزوال ، وليس صواريخ الضاحية الأبعد والأبعد التي استغاث بها حلف المجد لدمشق وطهران ونصر الله خلال حرب إسرائيل على غزة ولم تجب ، ولا صواريخ نجاد التي اعتلاها الصدأ ولم تنطلق يوما إلا ضد سنة إيران وأفغانستان وشعب العراق ، ولا سلاح تكميم الأفواه ومقاومة إرادة الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال ، والذي أرسل من طهرانلغزة لوئد حركة فتح ولمصادرة إرادة وقرار أهلها ، البشرى التي ستتحقق بالتأكيد بأقل من خمس عشرة سنة كما توقع التقرير الأمريكي ، وكما يتوقع العارفين والعادّين والعرب والفلسطينيين وكل الأحرار والمسلمين ، وبشر بها الإسلام الحنيف قبل المخابرات المركزية الأمريكية ب1500 عام .