من المعلوم لدى الجميع أن هذا البلد المبارك « المملكة العربية السعودية » قد قام على الإسلام ، يطبق شرعه ، ويلتزم بالكتاب والسنة ، وفق فهم سلف الأمة ، ويعني بكل ما يخدم هذا الدين ، ويرفع رايته ، وذلك اليوم الذي لا ينسى في تاريخ بلادنا من عام 1158ه- 1745م ، وهو اللقاء التاريخي بين الأمير محمد بن سعود ، والشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله جميعاً - واتفقا على نصرة الدعوة ، وإقامة شرائع الإسلام ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وقد واصل مسيرة الخير ، والدعوة إلى الله، وحماية الأمر ، الملك المؤسس عبد العزيز - طيب الله ثراه - ، وقامت جهوده في توحيد وإعلاء كلمة الله ، والدعوة إليه ، وإرشاد الناس إلى الخير ، فجاء عهده مباركاً كأسلافه ، وعقبه أبناؤه الميامين ، وعلى نهج أسلافهم مقتدين وسائرين ، وبكتاب الله وسنة نبيه مشرعين . والشواهد والبراهين حية ماثلة في رعاية الدولة - أيدها الله - لشؤون الحرمين ، وطباعة المصحف الشريف ، والاهتمام بشؤون المسلمين ، وتعليم أبنائهم ، وإرشادهم ، وتبني الدعاة إلى الله ، والإسهام في سبيل نشر الدعوة الصحيحة ، والإسهامات الشخصية منهم في الدعم والعطاء المتواصل المستمر ، والمساهمة في أعمال البر ، ووجوه الخير والإحسان ، ومن أعظمها ما يختص بالدعوة . وأمر آخر - وهو بيت القصيد - تقدير العلماء والمشايخ ، وإجلالهم ، وإنزالهم منزلتهم اللائقة بهم ، وقد سن الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - لقاءً أسبوعياً بطلبة العلم من المشايخ ، يتباحث معهم في كل ما يهم المجتمع في أمور دينهم ودنياهم ، ولا تزال هذه الخصلة الحميدة - ولله الحمد والمنة - باقية يسير عليها أبناؤه البررة ، ويخصص ولي الأمر لقاءً دائماً بالعلماء والمشايخ . وقد لفت انتباهي في العدد الأخير من مجلة « إمارة منطقة الرياض » ، وتحديداً في العدد الثامن لجمادى الآخرة من عام 1431ه ، موضوعاً نشرته المجلة في الصفحات الأخيرة تحت عنوان : ( مكاتبات من الماضي ) ، وهذه الزاوية نشرت وثيقة صادرة في عام 1374ه ، مرسلة من جلالة الملك سعود - رحمه الله - إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز - أمير منطقة الرياض - حفظه الله - ، وتنص هذه البرقية « الوثيقة » على الاهتمام والحرص من الملك سعود على المواطنين القادمين للسلام بوجه عام ، وعلى المشايخ بوجه خاص ، وطلب جلالته توفير وسائل الراحة بتبريد المكان بالمكيفات - نادرة ذلك الوقت -، وتوفير القهوة وما يلزم من كراسٍ ، واختيار الوقت المناسب ، نظراً لحرارة الصيف ، وأما نص البرقية فكان التالي : ( مستعجل جداً.. الابن سلمان.. الرياض... من قبل السلام لا بأس يكون في المربع ، وتشغلون كنديشناته ، وتحضرون فيه القهوة وما يلزم ، ووصولنا سيكون متأخراً ، من الساعة الخامسة وحولها ، وسيكون وقت الظهر وكلافة على الناس ، فيكون السلام الساعة العاشرة ، وإذا يكون السلام شرقي أو شمالي القصر الداخلي في محل ما فيه شمس ، فينظف ويفرش ويوضع فيه كراسي ، ويوقف المرور مدة السلام ، أو يكون في المحل الذي سلموا علينا الناس فيه يوم العيد ، إذا كان ما هو حار ، لأن المربع بعيد عن الناس ، ولا نحب كلافة المشايخ ، وكبار الجماعة ، فأنتم شوفوا الذي ترونه ويريح المشايخ وكبار الجماعة واجزموا عليه... سعود ) أ.ه هذا هو نص البرقية ، ومضمونها يغني عن التعليق والتوضيح، وهو يبرز اهتمام ولي الأمر آنذاك براحة المشايخ ، والعناية بهم، وتقديرهم ، والشواهد الأخرى على العناية والاهتمام كثيرة ، وأسوق منها شاهداً آخر للتمثيل والدلالة لا الحصر: زيارة الملوك والأمراء للمناطق ، والنصيب الأوفر لطلبة العلم ، واختصاصهم من بين المواطنين في زيارة الملك وولي العهد لمنازلهم تقديراً لهم ، والزيارات الخاصة أيام الأعياد ، والاهتمام بشؤونهم ، وعيادتهم عند المرض، وغير ذلك من الشواهد التي تؤكد المكانة والحظوة للمشايخ وطلبة العلم عند ولاة أمر بلادنا ، وهو أمر ليس بمستغرب على بلد يقوم على كتاب الله وسنة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - تحكيماً والتزاماً ونهجاً وعملاً ، فلا عجب ولا غرابة أن تقوم هذه الأعمال ، وتأتي هذه الشواهد في إكرام أهل الخير والفضل والدعوة . والله أسأل أن يديم على بلادنا نعمة الأمن والأمان والإيمان ، وخدمة رسالة الإسلام ، إنه ولي ذلك والقادر عليه . أ. سلمان بن محمد العُمري