الاعتراف بالفضل لأصحابه ، والمعروف لأهله ، والوفاء لهم وتقديرهم بالثناء أو الدعاء أو الذكر الطيب ، أوردّ المعروف سمة من سمات أهل الخير ، بل ومما تدعو الشريعة إليه ويؤهله القرآن الكريم والسنة النبوية قال الله تعالى : { هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من لم يشكر الناس لم يشكر الله ) . وفي سلوك بني البشر متناقضات كثيرة ، واختلاف كبير ، فخلافاً لما أشرنا يأتي في المقابل نكران الجميل وعدم الوفاء ، إن لم يتعد ذلك إلى مقابلة الإحسان بالإساءة ، وإذا كان العاملون للخير والباذلون للمال والمعروف حين يعملون الخير ويقدمون الإحسان والمعروف للغير ، لم يفكروا في مردود غير الرضا من الله سبحانه وتعالى ، وعملهم بالإحسان والجميل من طيب خاطر، وابتغاء ما عند الله سبحانه وتعالى ، وليس ما عند الناس من جزاء أو شكور { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ } ، وهذا هو الأساس والأصل فإن كل عمل لا يقصد به وجه الله فهو غير مقبول . وإذا كان شكر الله عز وجل على نعمه واجب على الخلق جميعاً فإن شكر الناس على معروفهم وإحسانهم فضيلة دعا إليها الإسلام ورغب فيها كما أشارت إليه الآية السابقة والحديث السابق بل إن الإسلام حث على رد الكلمة الطيبة بكلمة طيبة أو بأحسن منها ، كما قال تعالى : { وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا } ، ولا أقل من رد الجميل بكلمة طيبة إن لم يستطع الإنسان المكافأة على المعروف كما قال صلى الله عليه وسلم : ( من صُنع إليه معروفٌ فقال لفاعله جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء ) ولكن هناك من يستثقل كلمة « شكراً » و « جزاك الله خيراً » ، وما ينطبق على الأفراد في تعاملاتهم ينطبق في أحوالنا المتعددة في الجماعات والمؤسسات ، وقد أشرت في مقال سابق عن استثقال بعض المسؤولين لكلمة « شكراً » للموظف المجد المجتهد ، ولكني أعرض لصور أخرى من صور « التقصير » و « اللامبالاة » ولا أقول « جحوداً » في العمل الخيري بالنسبة للمؤسسات الخيرية فبعض المؤسسات عهدها بالمحسن وفاعل الخير عند استلام المبلغ المتبرع به وقد يوجه له كتاب شكر يسبق استلام المبلغ وبعد ذلك تنقطع الصلة والأولى التواصل مع المحسن وفاعل الخير وخير شكر وتقدير له أن يرى أثر إحسانه وعمله بعرض تقرير عن منجزات المؤسسة ومناشطها واطلاعه على بعض المنجزات وأنها من ثمار عمله ومساندته . ونحن في مجتمع ولله الحمد للوفاء فيه نصيب جم نراه في الصغير والكبير من ولاة الأمر - حفظهم الله - وعلى نهجهم سار الرعية ولا أدل على ذلك من الأسماء الخالدة التي تزين شوارعنا في كل مدينة ، وهذا باب من أبواب الوفاء حينما يقدر العاملون ، وتخلد ذكراهم بهذا العمل ، وهو خير تقدير لصناع المعروف ، ومقابلة الجميل بالعرفان .