يغطون الشمس بغربال ثم يأتوا لينظروا بأن الشمس غابت أو ابتلعها الشيطان أو حجبها ذلك الغربال الصنديد .. وهكذا يبدأ المشوار ولا ينتهي إلا أن يلحق الآخرون ويسيروا في ركب المنظرين في لعنة الشمس ومدح الغربال الذي استطاع أن يحجب قرص الشمس ..وان لم تفعل فأنت القاصر المقصر الذي لا يعرف الحقائق التي يعرفها العباقرة المنظرون بالباطل ..! فتى بريء أو ربما اظهر البراءة طرح حلا عليهم "لماذا أيها القوم لا تغطون قرص الشمس ببرذعة حمارنا فهي قادرة على حجبها ،لنكون صادقين عندما نلعن الشمس وقد غابت أشعتها عن عيوننا .." شيخ عركته الأيام وفقد الكثير من دبلوماسيته ربما لان رجله اقتربت من القبر صاح مشفقا على الفتى بعد ان سمع قوله"يا ولدي لا تكن ساذجا فالقوم يعرفون كل شيء ولكنهم يتفننون في ممارسة القهر ،أنهم يريدون ان تقهر نفسك مرتين، مرة وأنت ترى الشمس بعينيك وتقول أين هي الشمس ، لقد غابت.. ،ومرة أخرى وأنت تمدح الغربال الذي اخترقته أشعة الشمس وتدعي على نفسك وضميرك زورا وكذبا ان الغربال حجب الشمس وقام بواجبه على أكمل وجه.. يا ولدي ان الشمس في زمن الزيف و البهتان تحجب بجرة قلم وتوجيه سلطان وان كانت ظاهرة للعيان ، أليس هو القهر بعينه..؟! تماما مثل ذلك الغريب الذي يستولي على بيتك اووطنك ،ثم يعمد إلى توزيع زوايا البيت وأركانه على بعض أصحاب البيت ، هنا ينام رب الأسرة ، وهنا تقعد العجوز، وهنا يتكئ الابن البكر، وهنا يقف هذا الولد وذلك الطفل وتلك الفتاة وهكذا.. ثم يصدر توجيهاته بمنع استخدام أدوات المطبخ ومرافق البيت إلا بموافقته واستجدائه ،ولان الاستجداء لا يكفي عند ذلك الغريب فلابد له من مقدمات ضرورية لترفع معنوياته ويستجيب لهذا الاستجداء إذ لا بد ان يفرض على كل فرد من أصحاب البيت ان يسبح بحمد وفضل ذلك الغريب والا فان الحرمان عقابه والتشويه جوابه والاتهامات نهايته ,ولان الغريب فوق كل هذا وذاك لا يشعر بالأمان والطمأنينة فهو يعمد إلى جلب مزيدا من الغرباء والمرتزقة ليسيطروا على كل طنجرة وصحن وملعقة ورأس بصل وجحر صراصير وقبو فئران لتكون لهم الغلبة والأكثرية ويبقى لأصحاب البيت الذل والقهر والفتات .. وصمت الشيخ عن الحديث وقال حكمته تنوعت الأدوات والقهر واحد ولكن دوام الحال من المحال ودع الاحمق والغريب يغوص في غيه ومتاهاته لان النتيجة تاتي على رغيف خبز تماما كالجمل الذي قصمت ظهره شعره ...؟!