لا يمكن أن نتحدث عن الفساد دون أن يكون لنا دور في إيقافه. فمجال التبليغ عنه متاح أكثر من أي وقت مضى. فقد نشرت الصحافة أرقام هواتف عدة جهات رقابية ونشرت الموقع الإلكتروني jed-investigation.org.sa للجنة التحقيق في سيل أربعاء جدة. ومعنى ذلك أننا مطالبون بالتبليغ إذ لا يكفي أن نتحدث في المجالس ونكتب في النت عن أسماء تخاذلت.. ومسميات لمشاريع متأخرة أو مخالفات للمواصفات دون أن نتفاعل مع التوجه الجديد للدولة. من المؤكد أن جهات مكافحة الفساد موجودة منذ زمن بعيد فلدينا على سبيل المثال نظام لمكافحة الرشوة والفساد الإداري.. ومن المؤكد لو أن أحدنا بادر وبلغ عن أمر ما لتفاعلت معه جهة الاختصاص، ولكن ربما كان أحدنا يخشى من المساءلة إن لم تثبت صحة بلاغه فيُتهم بالتشويش وتضييع وقت الحكومة. لكن وبعد أن شجعتنا الدولة على الشفافية فليس لنا عذر إن علمنا بشبهة ما ولم نقم بواجب التبليغ عنها. تظل أمامنا مشكلة الالتباس وعدم التفريق بين الفساد المالي وبين الإهمال الإداري. لكن يجب ألا يثنينا هذا الالتباس عن التبليغ. فالفساد المالي هو الرشوة والسرقة فينتج عنهما تنفيذ المشاريع بمواصفات مخالفة، أما الإهمال الإداري فيؤدي إلى ضعف أو عدم متابعة مواصفات المشاريع مما يعني أن النتيجة لكليهما واحدة. لذلك بدلاً من الركون إلى الالتباس، أقترح أن نقدم التبليغ على شكل ( اقتراح ) مثلما هو معمول به على سبيل المثال في موقع لجنة تقصي الحقائق إذ حددت نوعين أحدهما بلاغ والثاني اقتراح. وأنا هنا أقترح التحقيق في مشروع الصرف الصحي الذي تنفذه وزارة المياه منذ أكثر من ثلاث سنوات في شمال شارع صاري ولم يكتمل. وقد ظننت أن في الأمر سوء تنفيذ، لكن طمأنني الوزير أن الأمور طبيعية! في خطابه بتاريخ 8 شوال 1429ه رداً على مقال لي. والآن ترى كيف نفسر هذا التأخير؟ فعند بدء المشروع كان الشارع خالياً والآن به ستة بنوك وشركات عقارية ومراكز تجاريه تتعدى استثماراتها عشرات المليارات من الريالات ورغم ذلك فالمشروع لم يكتمل بعد!