ماهي إلا أيام قلائل وتبدأ الثانويات بتخريج طلابها لتبدأ اسطوانة المعاناة المتكررة سنويا مع جامعاتنا الثماني عشرة في قبول مخرجات ثانوياتنا , حيث تبدأ بتطبيق بيروقراطيتها المعقدة من طلب لكشف اختبار القدرات , واشتراط لمعدلات مرتفعة لشهادة الثانوية العامة , إضافة إلى إجراء مقابلات شخصية واختبارات تحريرية بنفس الجامعة ,وجامعاتنا بفعلها هذا تثبت لنا أنها لا تثق بنتائج ومعدلات وزارة التربية والتعليم , وبعد كل هذا يتم قبول القليل من الطلبة المتقدمين , والبقية الكبرى سيزيدون عالم البطالة أرقاما جديدة خصوصا في ظل شح الوظائف المتاحة لخريجي الثانوية العامة . فكم أتمنى من وزارة التعليم العالي عندنا أن ترغم جامعاتنا الموقرة على قبول جميع خريجي الثانوية العامة دون استثناء , وتجعلهم يدرسون سنة تحضيرية بهذه الجامعات , وعلى ضوء نتائج هذه السنة توجههم للتخصصات التي تناسب نتائجهم , ومن يثبت جدارته في هذه السنة يستمر في الجامعة , ومن يفشل يبحث له عن مجال آخر خارج الجامعة , كما أطالب وزارتي التعليم العالي والمالية بأن تعيدا النظر في المكافأة المخصصة للطالب الجامعي شهريا , فالألف ريال لن تكفي الطالب قيمة مراجع وبحوث , فما بالكم بالسكن , والنقل , والمأكل والملبس , والمصاريف الحياتية الأخرى في ظل الغلاء الفاحش بالأسعار , والكثير من الأسر لا تستطيع الصرف على أبنائها الجامعيين , وتوفير مستلزمات الدراسة لهم خصوصا إذا كان عند الأسرة أكثر من طالب أو طالبة , وتكون المعاناة أكثر إذا كانت هذه الأسرة تسكن خارج المدينة التي توجد بها الجامعة , حيث ستكبر معاناتها مع النقل , وأجور السكن المرتفعة . فمن هذا المنطلق يجب أن تضاعف المكافأة مرتين أو أكثر ليكون الطالب (الطالبة) مهيأ ماديا , ونفسيا , واجتماعيا للدراسة . فكم من موهوب وموهوبة , ومتفوق ومتفوقة وقفت المادة حائلا , وعائقا دون تحقيق طموحة , ومواصلة دراسته الجامعية , فخسرناه كمجتمع وخسرنا خدماته , ولم نستفد من موهبته , وكم من إنسان أقل من عادي , ولكن أهله مقتدرون ماديا , هيئت له الظروف لمواصلة دراسته الجامعية لأعلى المستويات , فإما أنه فشل , أو واصل وتخرج ولكننا للأسف لم نستفد منه سوى الاسم إن كان الاسم ينفع .