خيّمت أجواء أزمة سياسية جديدة في الكويت خلال الساعات القليلة الماضية، بعدما طلبت الحكومة رفع طلب قدّمه اثنان من ن المعارضة لاستجواب رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح، بينما قرّر ثلاثة نواب آخرين سحب طلب مماثل، في خطوةٍ اعتبر مراقبون أنها تهدف إلى توفير إجماعٍ وراء استجوابٍ وحيد. وفي إجراءٍ اعتادته المعارضة الكويتية، أعلن رئيس مجلس الأمة، جاسم الخرافي، تحويل الجلسة العادية للمجلس، الثلاثاء، والمخصّصة للتصويت على رفع الطلب المقدَّم من النائبين أحمد السعدون، وعبد الرحمن العنجري، لاستجواب رئيس الوزراء بصفته، من جدول أعمال المجلس، إلى جلسةٍ "سرية"، بناءً على طلب الحكومة. وطلبت الحكومة الكويتية، على لسان وزير النفط ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة، محمد البصيري، إثر تلاوة أمين عام مجلس الأمة بند الاستجوابات، تحويل الجلسة إلى سرية، استناداً لنص المادة 69 من اللائحة الداخلية، وبعدها أعلن رئيس المجلس: "تُرفع الجلسة مدة ربع ساعة، وتُخلى القاعة من الجمهور". وتنص المادة المذكورة، على أن "جلسات مجلس الأمة علنية، ويجوز عقدها سرية بناءً على طلب الحكومة، أو رئيس المجلس، أو عشرة أعضاء على الأقل، وتكون مناقشة الطلب في جلسة سرية". وكان رئيس مجلس الأمة قد أكد، في وقتٍ سابق، الإثنين، أنه تسلّم رسالةً من الحكومة تطلب فيها رفع الطلب المقدم من النائبين السعدون والعنجري من جدول أعمال المجلس، وقال: "سأعرض هذه الرسالة في نفس مكان حكم المحكمة الدستورية والاستجواب على الجدول". وأضاف الخرافي، في تصريحاتٍ أنه تسلم رسالة أخرى من النواب مسلم البراك، وفيصل المسلم، وخالد الطاحوس، يطلبون فيها سحب الطلب المقدَّم من قِبلهم لاستجواب رئيس الوزراء "بصفته"، وأكد أنه سيرفع طلب الاستجواب من جدول أعمال المجلس "بناءً على طلب مقدميه". وطفت قضية "التحويلات المليونية" على سطح الأحداث في الكويت، مع كشف صحيفة "القبس" عن ملفٍ يتعلق بتحويلات بعشرات الملايين من الدولارات، قيل إنها جرت من قِبل مسؤولين حكوميين لصالح نوابٍ في البرلمان، بهدف ضمان ولائهم". وشهدت الكويت، على مدار السنوات الماضية عدة أزمات سياسية متلاحقة، أدت إلى استقالة ست حكومات متتالية على الأقل، برئاسة الشيخ ناصر الصباح، ودفعت هذه الأزمات، التي جاء معظمها بعد تقديم طلبات استجواب لوزراء بالأسرة الحاكمة، بأمير الكويت، إلى إصدار قرارات بحل مجلس النواب. وفي أواخر مارس الماضي، أعاد أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، تكليف الشيخ ناصر المحمد الأحمد، بتشكيل حكومة جديدة، بعد نحو أسبوع من استقالتها، وللمرة السابعة على التوالي خلال نحو خمسة أعوام. ووجّه أمير الكويت رسائل سياسية حادة إلى كلٍّ من البرلمان والحكومة، أواخر الشهر الماضي، قائلاً إن البلاد تعيش أجواء "توتر وتأزيم سياسي ونزاع مستمر بين مجلس الأمة والحكومة كأنهما خصمان لدودان"، محذراً من أن العصبيات القبلية والطائفية والفئوية باتت تقود التوجهات السياسية، كما انتقد الدعوات إلى نقل الخلافات إلى الشارع.