قادت المصادفة طبيبةً مسحورةً للتعافي والعودة إلى زوجها وأطفالها، بعد انقطاعٍ دام شهوراً عدة؛ توقفت خلالها عن عملها بالقطاع الخاص بمكة المكرّمة. وكان لشهر رمضان الحالي الذي تنزلت رحماته عليها في أثناء انتظامها في أداء صلاة التراويح بمسجد الحي وتأثرها البالغ بتلاوة إمام المسجد للقرآن، إذ صادف قراءة آيات وسور معيَّنة لم تتمالك معها طبيبة النساء والولادة نفسها في أوساط المُصلِّيات من النساء؛ لتدخل في موجةٍ من الصراخ والبُكاء حتى فراغ الإمام من أداء الصلاة. واستمرت الطبيبة على هذا الحال، خلال الأيام العشرة الماضية من رمضان، وما لبثت أن استفرغت سائلاً غريباً ذا رائحة كريهة من معدتها، لتشعر بعده بانزياح حملٍ ثقيلٍ عن كاهلها؛ لتُغادر المسجد وتعود في اليوم التالي بتوزيع هدايا على المُصلِّيات مُبشِّرةً إياهن بأنها "عادت إلى حياتها الطبيعية، وودعت المُنغِّصات التي سلبتها الراحة والطُمأنينة، وأبعدتها لا شعورياً عن زوجها وأطفالها، بل أنها كانت لا تدري ولا تعي بما يدور حولها، وتركت عملها ليُحيط بها اليأس من كل جانبٍ، وطلبت من المُصلِّيات الدُعاء لها، بألا يعود إليها ما نكَّد عليها عيشُها ومنعها من الاستمتاع بالحياة". وقالت الطبيبة في حديثها للمُصليات، إنها لم تكن تعي بما يصدُر عنها من صراخٍ وبكاءٍ في أثناء تلاوة إمام المسجد للقرآن، لكنها أدركت في خاتمة المطاف أن سبب معاناتها المريرة عملٌ سحري لا تدري مَن يقف وراءه ودوافعه، وفي الوقت نفسه أشارت إلى أن ذلك لا يعنيها طالما أنها استردت عافيتها، ورأت في تلك الواقعة عبرةً وموعظة؛ كونها استفادت من الاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم بخشوع وإيمان؛ ما ساهم بشكلٍ كبيرٍ في تخطِّيها أزمة حقيقية وعلّة ألمّت بها دون شعور منها، مُشيرةً إلى أنها طيلة حياتها لم تكن تشعر بخشوع مثل الذي تصادف في أثناء التراويح في هذا الشهر الفضيل. وعلّق إمام المسجد جامع السلامة بحي الفيحاء في مكة المكرّمة الشيخ عبد الله بخش، بالقول إنه لم يكن يعلم بما حدث مع المرأة غير أن بعض المُصلِّيات نبهنه إلى الواقعة وسردن له تفاصيلها. وأوضح في حديثه ل "سبق" أنه كثيراً ما يستمع لصراخ بعض المُصلِّين والمُصلِّيات في أثناء تلاوته بعض الآيات، التي يعمد إلى تكرارها متى ما سمع صراخاً من جانب المُصلين، ولفت إلى أن شهر رمضان تلفُّه الأجواء الإيمانية والروحانية، وهو شهرٌ فضيلٌ تتنزل فيه الرحمات والبركات و"ينبغي للناس اغتنام أيامه المعدودة وأوقاته المُباركة في أداء العبادات والصلوات في جماعة وتلاوة القرآن الكريم وتدارسه وحفظ آياته والتمعُّن في معانيها والإخلاص لله في جميع الأعمال الصالحة من صدقات وصلة رحم وعطف على الفقراء والمحرومين، وقضاء حوائج المساكين لأن الأجر يُضاعف في هذا الشهر المُبارك، الذي تُصفَّد فيه مردة الشياطين ويكون الإنسان أقرب إلى خالقه، وعليه أن يحرص على عدم ضياع هذه الفُرصة التي لا تسنح إلا مرة واحدة في العام. وتابع: لا يدري المرء إذا كان ستسلمه الأيام ليبلغ رمضان المُقبل أم لا، ولهذا فإن شهر الصيام له تجلياتٌ وبركاتٌ ظاهرة لا تُخفى على أحد وبه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، ومَن وُفق في قيامه حباه الله من فضلها".