وافقت الحكومة اللبنانية على زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 40 بالمئة لتتفادى في اللحظات الأخيرة إضراباً عاماً مزمعاً لنقابات العمال. ووافق مجلس الوزراء في اجتماع في وقت متأخر من ليل الثلاثاء على زيادة الحد الأدنى الشهري للأجور إلى 700 ألف ليرة لبنانية "470 دولاراً" من 500 ألف ليرة. ووافق أيضاً على زيادة قدرها 300 ألف ليرة لجميع الرواتب التي تتراوح بين مليون و1.8 مليون ليرة. وجاء هذا القرار إثر مفاوضات ماراثونية شاقة، استمرت حتى منتصف ليل أمس بين الحكومة والهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام، الذي كان دعا إلى الإضراب اليوم الأربعاء. كما قرر مجلس الوزراء في بيان قرأه وزير الإعلام وليد الداعوق: "إضافة مبلغ قدره ألفا ليرة لبنانية على بدل النقل اليومي المقطوع ليصبح عشرة آلاف "6.64 دولار"، ورفع المنح المدرسية كحد أقصى إلى مبلغ مليون و500 ألف ليرة لبنانية "ألف دولار". وقال غسان غصن رئيس الاتحاد العمالي العام إنه ردا على قرار مجلس الوزراء، فإن الاتحاد قرر تعليق الإضراب العام الذي كان يعتزم القيام به اليوم الأربعاء، ويشمل المعلمين والعاملين بالبنوك وعمال النقل وقطاعات أخرى. وأضاف قائلاً في مؤتمر صحفي: "وافقنا على تعليق الإضراب وليس إلغاءه". وكانت قيادة الاتحاد العمالي العام طالبت برفع الحد الأدنى للأجور إلى مليون و250 ألف ليرة "829 دولاراً"، وإصلاح الأجور بنسب توازي معدلات التضخم منذ آخر تعديل للأجور في العام 2008م. ويقول محللون إن نسبة الزيادة الحالية لا تتماشى مع غلاء المعيشة، لكن الخزانة اللبنانية التي ترزح تحت ديون كبيرة لا تسمح بأكثر من ذلك. وبحسب إحصاءات وزعتها وزارة المالية هذا الأسبوع، فإن إجمالي النفقات على مخصصات الرواتب والأجور وملحقاتها في النصف الأول من العام الحالي بلغ "1828 مليار ليرة مسجلا بذلك ارتفاعا بقيمة 198 مليار ليرة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2010 والذي كان قد بلغ 1630 مليار ليرة". وبحسب أرقام حكومية بلغ الدين العام اللبناني 52.6 مليار دولار في نهاية يونيو. ولبنان من أكثر البلدان مديونية في العالم من حيث النسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى إعادة الإعمار بعد الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990. ويقول مروان بركات مدير البحوث والدراسات في بنك عودة إن الزيادة تساند ذوي الرواتب المتدنية من جهة، وفي نفس الوقت لا توجد ضغوطاً قوية على الخزانة وأرباب العمل. وأضاف أن هذه هي أول زيادة منذ العام 2008، حيث أصبحت نسبة التضخم التراكمي منذ ذلك الحين وحتى اليوم 25 في المئة. وأشار إلى أن نسبة الرواتب تشكل 35 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وأن الزيادة ستكلف الحكومة وأرباب العمل سنوياً 2.4 مليار دولار، وهو رقم منخفض بالنسبة لبقية دول العالم، إلا أنه سيؤثر على ديون الحكومة إذا لم تلجأ إلى التعويض عبر إيرادات أخرى. وأوضح بركات أن عدد العمال في لبنان يبلغ مليوناً ونصف المليون عامل، 83 في المئة منهم يعملون في القطاع الخاص و17 في المئة في القطاع العام، وأن هذه الزيادة ستغطي 90 في المئة من العمال.