بعدما أضرّ الصراع السوري حتى بأغنى ضواحي دمشق تتدفق الآن على لبنان فئة أخرى من اللاجئين، هم الأثرياء السوريون، الذين يفرون في سياراتٍ من نوع بورشه ويقيمون في مساكن فاخرة ببيروت ويتواجدون بكثرة في نواديها الليلية ويتناولون الطعام في مرسى اليخوت. وفرّ عشرات الآلاف من اللاجئين بالفعل إلى لبنان وبحلول الأسبوع الماضي قال مسؤولون لبنانيون إن ما يصل إلى 20 ألف شخص يعبرون الحدود يومياً. وظلت النخبة في دمشق موالية إلى حد كبير للرئيس بشار الأسد، في الوقت الذي تسعى فيه قواته لإخماد انتفاضةٍ بالقوة. ويميل السوريون من أبناء الطبقتَيْن الغنية والمتوسطة الذين غادروا إلى لبنان، إلى توخي الحذر ورفض الخوض في الأمور السياسية. ورفض مَن تحدثت معهم لرويترز نشر أسمائهم لحماية أسرهم في سوريا أو لتجنب التعرُّض للانتقام عندما يعودون. وكان وجود الأثرياء السوريين في بيروت واضحاً بالفعل منذ شهور حيث التحق أطفالهم بمدارس راقية، في حين كانت السيارات من طراز بي.إم.دبليو التي تحمل لوحات معدنية من دمشق تجوب شوارع المدينة. وفي منطقة الحمراء وهي مركز لمتاجر الأزياء والمقاهي الكبرى يمكن الآن مشاهدة فتيات يرتدين غطاء الرأس الأبيض الشائع في دمشق وسط اللبنانيات اللاتي ترتدين الصنادل والسراويل القصيرة. وجلست مجموعة من الرجال السوريين في مقهى خارج فندق ميد تاون سويت في الحمراء والذي يتجاوز سعر الليلة فيه 100 دولار يناقشون الأحداث في بلادهم. وقال أحدهم "الوضع في الحقيقة ليس طيباً في دمشق. جئنا إلى هنا لكن نأمل في العودة خلال أيام قليلة". ومثل غيره رفض الرجل نشر اسمه أو التحدث بمزيدٍ من التفاصيل عن الوضع السياسي في سوريا. وفي مكانٍ آخر بالشارع خرج رجل دمشقي وزوجته من سيارتهما وسارا ببطء في شارع الحمراء الرئيس يتفرجان على نوافذ العرض بالمتاجر. وقال الرجل "اضطررنا للمجيء إلى بيروت. أنت تعلم كيف هو الحال هناك .. عليك أن تشاهد التلفزيون وترى". ويمكن أن يخفف وصول الأثرياء السوريين إلى لبنان بعض الضغوط الاقتصادية التي فرضتها على لبنان تكلفة استيعاب السوريين الأشد فقراً من أبناء القرى. وترحب الفنادق والمطاعم والحانات بالنشاط في القطاع السياحي الذي تضرّر من الحرب في الدولة المجاورة والتي منعت الزوّار الأثرياء من دول الخليج العربية من زيارة المنتجعات الجبلية اللبنانية والأندية الشاطئية هذا الصيف. وقال إبراهيم سيف الخبير الاقتصادي لدى معهد كارنيجي الشرق الأوسط: إن هناك سوريين ميسورين يأتون إلى لبنان ممن يملكون حسابات مصرفية في بلادهم وموارد تمكنهم من دفع الإيجارات ونقل أولادهم إلى المدارس. وأضاف أن هؤلاء يسهمون في قطاع السياحة في لبنان ويدعمونه جزئياً. ويستغل بعض سماسرة العقارات في بيروت بالفعل تدفق السوريين في مساوماتهم. وقال سمسار مخاطباً زبوناً كان يصطحبه في حي الأشرفية الراقي، إنه سيكون عليه زيادة ما يتوقع أن يدفعه. وأضاف "الأسعار مرتفعة الآن لأن السوريين أخذوا الشقق السكنية".