أكّد الشاعر الدكتور عبد الرحمن بن صالح العشماوي أستاذ اللغة وآدابها في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن اللغة غاية في الأهمية لبناء شخصية الإنسان والمجتمع والأمة، وقال إن الأمة الإسلامية في مؤخرة الصفوف فيما يتعلق بالعناية بلغتها الأم، بل إنها تكاد تكون الأمة الوحيدة التي تُعلِّم العلوم التطبيقية بغير لغتها، ويذكر هذا عددٌ كبير من الإخوة أصحاب التخصّصات العلمية، فاللغة العربية الفصحى في مدارسنا لا يجيدون التعليم بها إلا من رحم الله. جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها الدكتور عبد الرحمن العشماوي بعنوان: (اللغة رسالة) في مقر (منتدى العُمري الثقافي)، وأدارها الدكتور محمد بن خالد الفاضل أستاذ اللغة العربية بجامعة الأمير سلطان.
وقال د. العشماوي: تُجمع الدراسات الطبية في هذا المجال على أن مجال اللغة حرّك المجالات الأخرى كلها، فالإنسان إذا بدأ يتحدث يبدأ يتذكر فينشئ كلاماً جديداً يتحدث بعاطفته ومشاعره فتشتغل جميع المجالات الأخرى، فإذا عُني مجال اللغة الأم عند الإنسان تركز فكره وثقافته على أسسه ومبادئه التي يؤمن بها.
إن مسألة اللغة مسألة رسالة، فإذا أضفنا إلى ذلك القيمة الخاصّة للغة العربية الفصحى والذي يؤسفني أن بعض رجال التعليم والتربية في عالمنا العربي حتى في المملكة والخليج ممن ناقشتهم في هذا الموضوع لا يؤمنون بأهمية اللغة العربية في هذه المرحلة.
وبعضهم يقولون نحن في عصر اللغة الإنجليزية، هذه اللغة الغالبة، هذه لغة العالم، هذه اللغة التي لا نترقى أو نتقدم إلا إذا أجدناها، هذا مفهوم رجل تربوي، وهذا من أخطر ما مرّ بي.
وضرب د. العشماوي أمثلة أن اليابانيين والصينيين يترجمون مئات الآلاف من المصطلحات العلمية والطبية ويعلمون أبناءهم بلغتهم، فاللغة العربية رسالة وهي لغة القرآن وهي لغة الأمة وهي لغة أبناء الأجيال الحقيقية.. فلابد أن نتقن اللغة الأم ثم نتعلم اللغات الأخرى، متسائلاً: هل أجبرت اليابان والصين أبناءهما على تعلُّم اللغة الإنجليزية حتى يتطوروا، إنما هي الهزيمة الداخلية الخطيرة التي جعلتنا نتعامل مع اللغة بهذا الأسلوب.
وخلص د. العشماوي إلى القول: إن اللغة العربية تحتاج إلى عنايتنا جميعاً وكأني بها تستصرخنا جميعاً؛ لأنها رسالة عظيمة ولا سبيل إلى توحيد شمل الأمة إلا بعقيدتها ولغتها؛ لان اللغة متعلقة عندنا بالعقيدة والقرآن الكريم.. واللغة مسؤوليتنا جميعاً، ولا بد أن نعتني بها ونلح عليها، فنحن لدينا المال ولدينا القدرة أن نترجم جميع المصطلحات بمئات بل بملايين المصطلحات يومياً، فلماذا لانفعل ذلك؟ هذه رسالة أوجهها إليكم وأنا علي يقين أنكم مؤمنون بها، كما أنني أنا مؤمنٌ بها.
وختم العشماوي محاضرته قائلاً: أسأل الله أن يوفقنا جميعاً أن نستشعر عظمة هذه اللغة، وأن نطبق شيئاً من لغتنا بتطبيق الجلسة العائلية التي يُقرأ فيها شيءٌ من نصوص اللغة العربية، فستجدون أثرها سريعاً، ولن يتجاوز أكثر من شهرين أو ثلاثة أشهر بإذن الله تعالى.
بعد ذلك بدأت المداخلات وأجاب سعادته عن أسئلة الحضور، وشهد المحاضرة لفيفٌ من أصحاب السعادة المفكرين, والأكاديميين, ومجموعة من الإعلاميين.