أكد الدكتور أحمد بن عبد العزيز الصقيه، القاضي والمتحدث الرسمي السابق بديوان المظالم، والمستشار والمحامي حالياً، على أهمية "ملتقى تنظيم الأوقاف 1433ه - 2012م" الذي يقام تحت رعاية وزير الشؤون الإسلامية, وقال: نحن في أشد الحاجة إلى العناية بالأوقاف في الوقت الحالي، ولا يخفى على المتأمل اعتناءُ المسلمين بالأوقاف ورعايتهم لها في ظاهرة حضارية لا تخطئها العين، ولم تكن إقامة الأوقاف قاصرة ًعلى الأثرياء فحسب، بل أسهم فيها كل قادرٍ وسع ما يطيق، والإضرار بالأوقاف فليس قاصراً على الاعتداء عليها فحسب، بل إنه يمتد ليشمل إيصاد الباب في وجه تثميرها وتنميتها، كما يُلحق بذلك ما يقع من تضمين بعض الواقفين أوقافهم شروطاً تفرغها من مضمونها ومقصد تشريعها, مشيراً إلى أن استثمار الأوقاف عمن أعظم أصناف العبادة إذ جاء الحث في الشرع على الاستثمار من خلال الأمر بتحريك المال والنهي عن القعود والتواكل والحث على السعي في الأرض وعمارتها، وتشريع أحكام الاستثمار، وهذا مطلق في كل مال ويدخل فيه مال الأوقاف دخولاً أولياً, وما يحققه استثمار الوقف من مقاصد شرعية عظيمة، والأخذ بها داخل في باب المصالح المرسلة، وهذه الوسائل تعتبر من أعراف هذا الزمن، والعرف الصحيح غير المصادم للشرع يؤخذ به؛ إذ مقصود الواقف الاستكثار من الأجر بزيادة النفع. أيضاً ما يحققه الاستثمار الأمثل للأوقاف، من مشاركة بناءة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات الإسلامية. وقال الصقيه: الوقف أمر يجمع بين التعامل مع الله ومع الناس، وهو من عقود التبرعات التي يطلب التعامل فيها مع الله تعالى فلا يجوز أن يتضمن الوقف ولا غيره أمراً محرماً, وأن الوقف مشروع بالكتاب والسنة، إلا أن الكثير من أحكامه ثابتة بالاجتهاد، إذ أن النصوص الواردة في باب الوقف قليلة، وذات دلالة عامة ما دعا العلماء إلى استفراغ الجهد وبذل الوسع في بيان أحكام الوقف ومسائله، بدءاً من التعريف والمشروعية، ومروراً بالكثير من المسائل, وأن شمولية الوقف من جهة أنواعه ومجالاته ومصارفه وما يحققه من تكافل اجتماعي في كل حاجة من حاجات الأمة، بل حتى شمولية الوقف من جهة حصول المشاركة في إقامته ولاستثمار الأوقاف ضوابط شرعيّة يجب مراعاة أن يكون استثمار الوقف مشروعاً، ومما يحقق المصلحة الراجحة، أو يغلب على الظن تحقيقه لها. وألا تكون تلك المجالات مما يمكن أن تذهب بأصل الوقف، وألا تؤدي صيغ الاستثمار إلى خروج العين الموقوفة عن ملكية الوقف، وذلك بأن تكون مأمونة لا مخاطرة فيها بأموال الوقف وأصوله.. ومنها أيضاً أن يجتنب المستثمر للوقف كل ما فيه تهمة من مجالات الاستثمار، كأن يبيع لمن لا تقبل شهادته له أو من له عليه دين؛ لاحتمال كون تصرفه في غير مصلحة الوقف، واشار إلى الصور المعاصرة لاستثمار الأوقاف التي تكون مشروعة وفق الضوابط الشرعية، ومنها استثمار الوقف بالمشاركة المتناقصة بشراء الوقف نصيب شريكه الممول، أو الاستثمار لريع الوقف بمثل هذه المشاركة، أو الاستثمار بالاستبدال الذي يحقق المصلحة,ووقف الأسهم هو من قبيل وقف المشاع، وعليه فإن الاستثمار عن طريق المساهمة في الشركات يعد من قبيل استثمار الوقف، وإمكانية الاستفادة من الصناديق الاستثمارية لتكون أوعية وقفية سواءً من خلال إنشائها أو كوسيلة تستثمر فيها أموال الوقف, وأنه يشرع استثمار الوقف عن طريق الاستصناع بصفته صانعاً أو مستصنعاً. كما يشرع استثمار الوقف بمشاركته لغيره عن طريق إبدال الوقف المستقل بآخر مشترك، أو مشاركته لغيره بالإنتاج والمضاربة بالأصول الثابتة. وقال الصقيه: إنه يمكن استثمار الوقف النقدي فردياً أو جماعياً في الصناديق الوقفية ويمكن استثمار الوقف بالإجارة التمويلية، وهي مشروعة ما دامت تحقق المصلحة التي يتغياها الوقف، وتسهم في تنمية العين الموقوفة، ولم تتضمن ما يخالف ضوابط الاستثمار الوقفي. مؤكداً وجوب الاهتمام بالأوقاف، والاعتناء بتنميتها واستثمارها والسعي لإنشاء المؤسسات الوقفية المستقلة التي ترعى الأوقاف وتستثمر أملاكها. كذلك حث الجهات التنظيمية على وضع النظم التي تحفظ الأوقاف وتنميها، وتوسع نشاطاتها وتمكن من إسهام الناس فيها، مع إحكام الرقابة التي تتابع تطبيق الضوابط الموضوعة للاستثمار، وأيضاً تعليم الناس أحكام الوقف التي تهمهم؛ إذ أن الجهل بالأوقاف وأحكامها من أكبر ما يضر بها. ومن المهم أيضاً حث الواقفين على وقف أنفس الأموال لما في ذلك من أثر في دوام الوقف واستمراره، وتأكيدهم على شرط الاستثمار، لما لذلك من أثر في تنمية الأوقاف.