من يسير اليوم في ساحات الحرم المكي الشريف قبل إقامة إحدى الصلوات يجد عدداً من المعتمرين خصوصاً من خارج السعودية يقدمون مبالغ مالية للعاملين في الحرم المكي يستقبلها بعضهم بكل فرح وسرور، بل قد يصل الأمر إلى أن يبحثوا عنها، كما يقول المعتمر الخليجي حمد عثمان. وأوضح عثمان، الذي يزور الحرم المكي بشكل سنوي، "أن ظاهرة البخشيش انتشرت في الثلاث سنوات الأخير بشكل ملحوظ في الحرم المكي حتى أصبحنا نتحدث عنها في جلساتنا ونحن نعدها فرصة لا تعوض، لأننا نعتقد أن الأجر فيها مضاعف". وقالت إحدى المواطنات ل"سبق": إنها تنظر لهذه الظاهرة على أنها "فضيحة" ولا بد للجهات المسؤولة أن تراقب الموظفين العاملين في الحرم المكي وتتأكد من عدم حصولهم على أي مبالغ من المعتمرين. وأضافت: "أصبح العاملون في الحرم يطلبون منا البخشيش بطريقة مزعجة جداً. وأنا كمواطنة لا أريد أن يكون هذا وضع العاملين في الحرم المكي الذي ترعاه بلدي. ومن المفترض ألا تظهر فيه مثل هذه الظاهرة أبداً". أما المواطن ماجد الحربي فيرى أن ظاهرة البخشيش قد تكون نتيجة طبيعية لضعف رواتب العاملين في الحرم المكي أو تأخر رواتبهم على حد قوله. ويطالب محمد القحطاني الجهات الرسمية بمراقبة العاملين فيه والتأكد من عدم قبولهم لأي مبالغ تقدم من الزوار أو المعتمرين على أنها هدايا أو بخشيش أو أي نوع آخر لأن هذا يسيء لسمعة المملكة. ومثل القحطاني لذلك ببعض الدول العربية التي أصبحت سمعتها سيئة بسبب انتشار البخشيش فيها فضلاً عن أن يكون في أغنى بلد وفي أطهر بقعة. وبسؤال أحد العاملين السعوديين في الحرم المكي حول هذه الظاهرة ومدى انتشارها قال:"نحن نستقبل ما يقدمه الزوار والمعتمرون على أنه هدية وليس بخشيشاً". وعن المبالغ التي يحصلها من البخشيش، قال إنها قد تتجاوز عشرة آلاف ريال في الشهر خصوصاً في شهر رمضان المبارك , حيث قدم له أحد الزوار من جنسية خليجية ألفي ريال مرة واحدة، في حين أن راتبه لا يتجاوز خمسة آلاف ريال. وحول ما إذا كان لهذه المبالغ التي يسميها هدايا أثر في العمل قال: "في بعض الأحيان يكون لها تأثير وأحياناً لا، ولكن تأثيرها محدود في إدخال المأكولات والمشروبات وحجز الأماكن والسماح بالوقوف، وأمور بسيطة لا أرى أنها تؤثر بشكل سلبي في العمل". وبعد محاولات مع أحد العاملين هناك أكد ل"سبق" أنهم يستقبلون هذه المبالغ التي تقدم لهم "لكنها لم ولن تؤثر على العمل، فواجبنا الوطني فوق الجميع، ولكننا نقبل المبالغ نظراً لإلحاح مقدميها علينا وإحراجهم لنا، وغالباً ما نقدمها للمحتاجين وفقراء الحرم، ونادراً ما نستفيد منها في أمور تخصنا". وتواصلت "سبق" مع مدير العلاقات العامة بالرئاسة العامة لشؤون الحرمين وطلبت منه تعليقاً رسمياً حول موضوع "البخشيش" فأكد أنه لا يستطيع تحديد موعد للرد الرسمي بخصوص ذلك ورغم مرور عدة أيام لم يصل "سبق" أي رد.