نجحت المملكة في استعادة العديد من القطع الأثرية للحضارات المتعاقبة في جزيرة العرب من خارج المملكة، من بينها قطع خرجت من موطنها خلال الاستكشافات وقدوم الخبراء إلى المملكة، ومضى على اختفائها نحو 50 عاماً. ومن خلال الجهود الحثيثة للهيئة العامة للسياحة والآثار يجري العمل حالياً مع الجهات المختصة داخل المملكة وخارجها لاستعادة المزيد من القطع بهدف حمايتها وصيانتها، وإبرازها في معرض "الآثار الوطنية المستعادة" الذي سيقام تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- السبت القادم في المتحف الوطني بالرياض، وذلك ضمن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية في دروته 27.
وتقديراً للبعد التاريخي والحضاري بادر عدد من الأمريكيين ممّن عملوا داخل المملكة في السابق وحازوا على قطع أثرية وطنية بطرق غير نظامية، بإعادة هذه القطع إلى موطنها الأصلي، وتسليمها إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار، حيث قالت الأمريكية إلينر نيكول التي عملت مع زوجها راج نيكول في شركة أرامكو السعودية خلال الفترة (1956 - 1970م): إنها كانت وزوجها يتسلقان الجبال للبحث في مناطق الصحراء بهدف إيجاد مواقع جيولوجية قديمة، حيث تم العثور في قاعدة جبل الشمال على صخور أثرية مميّزة يعود تاريخ تكوينها إلى (40) مليون سنة، كما عثروا على رؤوس سهام مكسرة، وقطع فخارية متنوعة وأساور متكسرة في المنطقة، وحصلوا على بعض الآثار أيضاً من مواقع في مدائن صالح وتيماء، ونقلوا جميع ما لديهم من آثار في (9) صناديق من الحجارة والقطع الفخارية الأثرية إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية.
وأوضحت نيكول أنّها رحّبت بقيام سفارة المملكة في أمريكا بمشروع جمع الآثار من الخارج، وتواصلت معهم لإعادة كل ما لديها، لأنها كانت تشعر دائماً بأن هذه القطع تخص الشعب السعودي وليست ملكها.
من جهتها، تحدّثت بفرلي سشورت من ولاية فلوريدا الأمريكية عن تجربتها في المملكة التي أمضت فيها (26) عاماً برفقة زوجها الذي كان موظفاً في شركة أرامكو السعودية أيضاً، حيث أكّدت أنها كانت دائماً تستكشف مع عائلتها المواقع القديمة في الصحراء، حيث عثروا هناك على كنوزٍ أثرية عديدة ومتنوّعة، من عظام ورؤوس أسهم حجرية، وحجارة تراثية.
وأفادت سشورت أنها عرضت هذه الكنوز في المملكة، وفي الولاياتالمتحدة، إلا أنها شعرت بالسعادة أكثر حينما أعادت هذه الآثار إلى موطنها الأصلي، لأنها كانت تدرك أنها تخص شعباً آخر سوف يحبها ويحميها أكثر منها، مشيرة إلى أنه من أجمل ما اقتنته زجاجة خضراء غير مكسورة أو مخدوشة كانت تلمع في الرمال، تعود إلى الفترة الفينيقية، وجدها طفلها قرب السكن المخصص للشركة.
من جانبه، عبر الأمريكي تيم بارجر الذي ولد في مدينة الظهران عام (1947م) عن سعادته بإعادة الآثار التي كانت بحوزته إلى موطنها الأصلي في المملكة العربية السعودية، موضحاً أنه في شبابه كان يُحب دائماً التجوّل مع والديه اللذين كانا يعملان في شركة أرامكو بالمنطقة الشرقية، وذلك للبحث في الصحراء عن القطع الأثرية، خاصة بعد سقوط الأمطار، لأنها كانت غالباً ما تكشف عن بعض خبايا الرمال، حيث عثروا على قطع فخارية، وأساور متكسرة، تعود إلى حقب تاريخية بالغة في القدم، وبيّن أنّ من أجمل الآثار التي وجدوها كانت في مدينة الخبر، عبارة عن إبريق محطّم من الفخار، إلا أن معظم أجزائه كانت موجودة، فأعاد مع والداه تشكيله وتثبيته بالصمغ.
الجدير بالذكر أنه سيتم تكريم من أعادوا القطع الأثرية إلى المملكة خلال فعاليات معرض الآثار الوطنية المستعادة.