يبدو أن إيران تتجه لإثارة نزاع حول مسمى الخليج العربي بعد أن حسمت وقائع التاريخ هذا المسمى وأضحى من المعلومات الجغرافية البديهية منذ أن أطلق عليه المؤرخ الروماني بليني هذا الاسم في القرن الأول الميلادي، دخل بعدها أضابير المعلومات الدولية وأصبحت كل المنظمات العالمية والإقليمية تطلق عليه هذا الاسم الذي قطعاً لم يأت من فراغ. فالعرب قديماً كانوا يطلقون عليه أسماء متعددة فهو خليج البصرة أو خليج عمان أو خليج القطيف أو خليج البحرين؛ لأن هذه المناطق والمدن كانت منطلقاً للبواخر التي كانت تمخر عبابه محملة بالبضائع في تجارة رائجة عرفتها هذه المدن العربية منذ أقدم العصور. وظلت إيران من جانبها ترى أن لها الحق في السيطرة على سائر الخليج العربي وتنكر دوماً هذا الاسم، بل إنها تنازع دولة الإمارات العربية في ثلاث جزر، بل إن إيران تعتبر أن لها أحقية في السيطرة على مياه الخليج الذي تقول إنها كانت تسيطر عليه حين كان يطلق عليه بلاد فارس قبل دخولها في الإسلام، وفي المقابل يرى العرب أن من حقهم الهيمنة على مياهه وجزره ونفطه وثرواته ومواقعه الإستراتيجية؛ لأن ثلثي سواحل الخليج تقع في بلدان عربية. ومؤخراً بدأت إيران تجاهر برفع هذا الاسم فقد جاء إلغاؤها لدورة التضامن الإسلامية المقرر لها أكتوبر المقبل إثارة جديدة لغبار المعركة، بعد أن رفضت مطلباً من الدول العربية الخليجية المشاركة فيها بإزالة كلمة "الخليج الفارسي" من على الميداليات والوسائل الترويجية الخاصة بالدورة، وإحلال محلها كلمة الخليج العربي أو حتى الخليج فقط. لقد أدخلت إيرانالرياضة في الأيام القليلة الماضية حلبة المنافسة بين الجانبين على الاسم، فإصرار طهران على تسمية الخليج بالفارسي هو شرط إقامة أي دورات للألعاب تشترك فيها مع العرب، الأمر الذي بات يهدد بالإطاحة بالخطط الطموحة لإقامة دورات إسلامية، الهدف من ورائها "تحقيق الانسجام بين دول العالم الإسلامي"، بحسب الصحيفة. وترفض الدول العربية- وعلى رأسها السعودية- التنافس مع إيران في الألعاب، ما لم تقبل طهران بأن تُطلق على الممر المائي تسمية "الخليج العربي" أو تسمية "الخليج" فقط التي تعتمدها وكالات الأنباء العالمية. واليوم تنقل إيران الصراع على منحى جديد، فقد نقلت وكالة أنباء "مهر" الإيرانية عن وزير الطرق والنقل الإيراني حميد رضا بهبهاني اليوم القول إن أي شركة طيران أجنبية تستخدم مسمى "الخليج العربي" سيحظر عليها دخول المجال الجوي الإيراني. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن تقارير إيرانية اليوم الأحد بأنه تم طرد مضيف جوي يوناني يعمل في إحدى شركات الطيران الإيرانية بسبب إصراره على استعمال المسمى "الخليج العربي" بدل "الخليج الفارسي". وأشارت التقارير إلى أن المضيف الذي يعمل لحساب شركة كيش إير لم يكتف بالإصرار على ذلك وإنما هدد بإلقاء القبض على الركاب الذين احتجوا على استخدام مسمى "الخليج العربي" على الشاشات داخل الطائرة بدلا من "الخليج الفارسي". كما أصدر أوامره لهيئة الطيران المدني الإيرانية بتوجيه تأنيب رسمي لمسؤولي شركة كيش إير. وقال غلام رضا رضايان قائد إدارة شرطة الهجرة والأجانب إنه تم استدعاء المضيف اليوناني إلى مركز للشرطة الليلة الماضية وتم إلغاء تصريح الإقامة الخاص به "بسبب سلوكه غير اللائق وغير المسؤول". وأضافت التقارير أن المضيف سب الركاب عندما احتجوا على استخدام مسمى "الخليج العربي". وكان علي لاريجاني المتحدث باسم البرلمان الإيراني قد صرح عقب النزاع الرياضي بأن "العرب يتحدثون في كلام ليس منه جدوى، وهو كلام منتهٍ بالنسبة لنا.. لن نتخلى عن تسميتنا الثابتة تاريخيًا منذ القدم". كما صرح المستشار الخاص بالزعيم الإيراني آية الله علي خامنئي بأنه "يجب على الجانب الإيراني الإصرار على موقفه مهما كلفنا الأمر"، في إشارة إلى إلغاء الدورة الرياضية رغم ما تم إنفاقه، وإعلان 28 دولة المشاركة. وقامت إيران خلال الألف سنة الماضية بحراسة الممر المائي الإستراتيجي الذي يفصلها عن جيرانها العرب، حيث تعتبره رمزًا لعظمتها القومية ومن ثم يتعين الدفاع عنه اسمًا وفعلاً، بحسب الصحيفة.