انتقد مسؤولون ومختصون في الاقتصاد طريقة عمل الهيئات الشرعية في البنوك المحلية والاعتماد عليها في تسويق المنتجات المصرفية خصوصا بعد الأوامر السامية التي قضت بحصر الفتوى في أعضاء هيئة كبار العلماء أو من يقرره ولي الأمر. ووفقا لتقرير أعده الزميل عبد الله القرني ونشرته "الاقتصادية"، قال المختصون إن البنوك خالفت الأنظمة في استمرارها الاعتماد على عدد من طلبة العلم المتعاونين معها وتسميتهم الهيئة الشرعية وسعت لتمرير عملها ذلك بتسمية الفتاوى التي تخص منتجاتها المصرفية بتسميات جديدة ك الاجتهاد الشرعي والدراسة الشرعية حتى تتحايل على القرارات المختصة بتنظيم الفتاوى الشرعية. ويرى المختصون الحل في أن تتولى مؤسسة النقد التنسيق مع هيئة كبار العلماء أو المجلس الأعلى للقضاء ليتم تشكيل لجنة مختصة في الاقتصاد الإسلامي تشرف على جميع التعاملات المصرفية في البنوك وتصدر آراءها الشرعية حيالها وتكون واضحة لجميع المتعاملين وتشمل جميع المصارف دون استثناء، وأكد الشيخ عبد المحسن العبيكان المستشار في الديوان الملكي أنه لا يحق لغير المسموح لهم في الأمر السامي بإصدار الفتوى الشرعية في أي معاملات تجارية، وعليهم الالتزام بالتوجيهات المنظمة لهذا الشأن. من جانبه، أبان الدكتور عمر الخولي المستشار القانوني لهيئة حقوق الإنسان إلى أن البنوك تحاول الالتفاف على أوامر سامية صدرت لتنظيم الفتوى في البلاد ويرى أنها مضطرة لذلك لعدم إمكانية وجود تعامل مباشر يربطها بهيئة كبار العلماء المصرح لها رسميا بإصدار الفتاوى. وطالب بلوائح تنظيمية للأمر السامي الكريم حتى تعرف كل جهة التزاماتها تجاه الأمر، موضحا أن البنوك تسعى حاليا لاستقطاب طلبة العلم والحصول على فتواهم وتسميتها رأي أو دراسة حتى تمرر الأمر وتقوم بموجبها ببيع منتجاتها لعملائها الذين يفضلون بصفة عامة إضفاء الشرعية على كل تعاملاتهم البنكية. أما الدكتور علي التواتي أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، فقال إن الهيئات الشرعية الحالية لدى البنوك لا تحمل سندا رسميا وكل بنك اجتهد منفرداً في تكوين هيئة شرعية تخصه تصدر له الفتاوى الخاصة بمنتجاته. وأضاف أن من يفعلون ذلك هم مستفيدون يقدمون آراءهم الشرعية بمقابل مادي ويستخدمون مسمى الهيئة الشرعية لطمأنة المتعاملين مع البنوك وتوحي بأنها معتمدة رسميا من الدولة وهذا مخالف للأنظمة الرسمية الصادرة بحصر الفتوى على جهات محددة. واقترح تشكيل هيئة شرعية موحدة لجميع البنوك يتم ربطها بهيئة كبار العلماء أو مجمع الفقه الإسلامي في مكةالمكرمة أو مجلس القضاء الأعلى أو وزارة العدل وجميع ما يصدر عنها من فتاوى تعمم لكل البنوك فليس من المعقول أن يحرم منتجا في بنك ويحلل في آخر. وشدد على ضرورة أن يكون الأعضاء معروفين لجميع المتعاملين حتى لا تدفع البنوك لان تسوق ما لديها باعتمادها على هيئات ممولة ذاتيا منها. وأردف الدكتور علي التواتي ما يصدر حاليا عنها غير قانوني ومجرد اجتهادات وهم يردمون فجوة في التعاملات المصرفية ويشكرون على ذلك ولكنهم يحتاجون إلى اعتراف رسمي. وشاركه في ذلك الدكتور طارق كوشك عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز حيث ذهب إلى أن التحفظ على الهيئات الشرعية في البنوك كان منذ نشأتها فكيف لشخص يتقاضى أجرا من المصرف أن تستخدم آراءه في تحريم أو تحليل منتجات ذلك البنك. وأشار إلى أن هناك تعارضاً في المصالح يجب مراعاته فمن المفترض أن الرأي الشرعي لا يؤخذ عليه مقابل مادي فلا بد من جهة محايدة مشرفة على كل تعاملات البنوك وحين ينوي أحدها طرح منتج أو مشروع جديد يلزم بعرضه على اللجنة للحكم فيه شرعا قبل تسويقه ويكون ذلك معلنا للمتعاملين. وزاد كوشك أن بنوكا اشتهرت بأنها إسلامية وتعاملاتها عكس ذلك حتى أن نسبة ما تتقاضاه من أرباح أضعاف منافسيها غير أن استغلال المسمى الإسلامي ساعدها في جذب العملاء. وشدد على أن من يصدرون آراءهم في التعاملات المصرفية لا بد أن يحملوا مؤهلات في الاقتصاد الإسلامي بجانب مختصين, حتى يكون من الصعب التفاف أي بنك على النصوص الشرعية لتمرير منتجات مخالفة لها.