"لبيك اللهم عمرة"، كلمات نابعة من قلب نقي مؤمن يبتغي تلبية نداء ربه ومرضاته، بهذه الحروف البسيطة نوى " محرم" العمرة، متزوداً بالتقوى، وكان برفقته زهرتا عمره وزوجته، ووسط الأجواء الإيمانية التي عاشتها الأسرة السعيدة، فجأة اغتالت السرعة الجنونية البسمة في وجوه الطفلين، حينما وجدا الأب ينزف دماً، عاجزاً عن الحركة وتحولت الضحكات إلى صرخات بريئة اخترقت قلب من يملك إحساساً بالآخرين. "أم محرم" ألجمت الصدمة تفكيرها عندما علمت بالحادث المروري الذي تعرض له ابنها، وصارعت الزمن كي تطمئن على فلذة كبدها، بيد أن القلق بات رفيقها، وهى تنظر لابنها يرقد في العناية المركزة، فاقداً للوعي، إثر إصابته بنزيف داخلي في البطن والصدر وكسور في الأضلاع. بكل حزن وألم لملمت "أم محرم" كلماتها المبعثرة وحاولت تنظيم فكرها المشتت وسردت ل"سبق" معاناة ابنها قائلة: "ابني محرم زهرة عمري توجّه يوم الأربعاء 27 ذي الحجة برفقة زوجته وابنيه إلى مكة لأداء العمرة، وفي الطريق أصابه جنون السرعة، وتبعثرت أحلامه، وبفضل الله لم يصب ابناه وزوجته بأي سوء، موضحة عطاءه وحنانه على أسرته وقد آثر أن يفديهم. وبصوت متهدج يغمره الخوف استكملت حديثها قائلة: "أخبرني الأطباء بحالة ابني الصحية، فانفطر قلبي ومالت بي الأرض وطاردتني الهواجس المخيفة، وأنا أترقب بدموع باكية وقلب يعتصره الألم تحسن حالته الصحية، بيد أن الأيام لم تطفئ نار قلبي المشتاق لرؤيته وضمه إلى صدري". وقالت: "رغبنا في نقله من مستشفى الملك عبد العزيز الذي يرقد فيها حالياً إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، وبالفعل ذهبنا لاتخاذ الإجراءات اللازمة، بيد أننا فوجئنا بقرارات صادمة"، مبينة أنهم اشترطوا موافقة المقام السامي أو القرار المباشر من وزير الصحة. وبدموعها استغاثت قائلة: "دموع حفيديَّ تدمي قلبي وسؤالهما عن أبيهما، تشتت ذهني وتعجز كلماتي عن الرد عليهما، فباسم هذين الطفلين ودموعهما التي ترافقهما، وبقلب أم يقتلها الانتظار ويحدوها الأمل، أناشد عبر صحيفتكم المميزة، "معالي وزير الصحة"، أن يتفضل وينظر إلى معاناة ابني نظرة الإنسان والأب الرفيق بأبنائه - كما عهدناه دائماً – ويتكرم بإصدار قرار بمعالجة ابني بمستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة، فحالته حرجة وتستدعي إنقاذ فوري قبل أن يدهمنا الوقت.