قال الزميل خالد السليمان الكاتب بصحيفة "عكاظ"، إن لصوص المال العام لم يعودوا "يستحون"، فهم يسرقون صباحاً ثم يلبسون البشوت ويستقبلون الناس عصراً، وإن المتهم بسرقة خروفين سُجن وغرِّم، بينما سارق خيرات البلاد والنفط ما زال يبرز في الصحف، وإنه لو طبق نظام "من أين لك هذا؟" فسيختفي كثير من الوجوه من صفحة المجتمع؛ لأن مكانهم خلف القضبان وليس مقدمة المجالس. وفي حلقة جريئة عرضت مساء أمس الأحد من برنامج "ساعة حوار" الذي يقدمه الدكتور فهد السنيدي على قناة "المجد" بعنوان "الاستعداد ضد الفساد"، قال الكاتب السليمان ضمن سلسلة من الانتقادات الجريئة: "إن مكافحة الفساد يتطلب تعزيز دور المؤسسات رقابياً، وتحويل شعار الشفافية من شعار إلى فعل"، متسائلاً: "لماذا نحن نتحرك بروح ردة الفعل وليس الفعل؟"، وزاد قائلاً: "إما أن ننقذ الوطن من الفساد وإلا سنغرق في وحل الوحوش"، مشيراً إلى أننا في معركة مصيرية مع الفساد الذي كشر عن أنيابه. وانتقد السليمان مقولة "إن هناك مسؤولين لم يقدموا خدمات" قائلاً: "بل هم قدموا خدمات لأنفسهم ولمصالحهم الشخصية وشركائهم". وأضاف: "بعض المسؤولين يتصرف كأنه يصرف على المواطنين من جيبه، وهذا الأمر يتجلى في نظام "حافز". وسخر السليمان من كثير من المشاريع في السعودية وقال إنها "الأطول مدة والأبطأ في التنفيذ والأسرع عطباً!"، وعزا ذلك إلى البيروقراطية التي أفرزت مناخاً مناسباً للفساد. وقال السليمان إن جميع الوزراء ليسوا فوق النقد، مشيراً إلى أن هناك وزيراً في الدولة ليس له علاقة بوزارة الإعلام استطاع إيقاف 3 كتاب صحفيين، وخرج بعد ذلك على الإعلام قائلاً: "أنا أرحب بالنقد!". السليمان وخلال موجة من الانتقادات الجريئة قال إن المسؤولين لدينا يتشبثون بالكراسي، ويتخذونها سبيلاً للوجاهة قبل أن ينتقل في الحديث لانتقاد طريقة استلام الشركات للمشاريع، واصفاً إحدى الشركات ب"وجيه بن فهرة"؛ كونها تستلم المشاريع بمبالغ ضخمة وتنقلها لشركات أخرى بالباطن, مؤكداً أنها سبب المشاكل. وتداخل في البرنامج رئيس هيئة مكافحة الفساد الدكتور محمد الشريف، وقال إن اختصاصات الهيئة حماية النزاهة وتعزيز الشفافية، ومتابعة تنفيذ الأوامر والقرارات التي تصدر للشأن العام وخدمات المواطنين، والتحري عن أوجه الفساد المالي والإداري، ولكن هذا يكون من تاريخ صدور قرار إنشاء الهيئة. وكشف الشريف أن العمل والتطبيق في الهيئة بدأ من ثاني أسبوع, حيث استقبلت اتصالات من المواطنين وبلاغات عديدة. وعن تدخل الهيئة في قضية غرق جدة أواخر عام 1430ه، قال الشريف: "الهيئة لم تباشر حادثة غرق جدة؛ لأنها حادثة سابقة لإنشاء الهيئة، والهيئة لن تباشر أي قضية بأثر رجعي". ورداً على سؤال للكاتب السليمان عن صحة وجود 16 موظفاً في الهيئة عينوا رغم وصولهم لسن التقاعد، وأن مبنى الهيئة مستأجر وأن عقود موظفي الهيئة لا تنطبق مع النظام، قال رئيس هيئة مكافحة الفساد الدكتور الشريف إنهم فقط ثلاثة موظفين وعينوا كمستشارين لوضع لوائح نظام الهيئة، كما أكد أن مبنى الهيئة مستأجر. وبين الشريف ما قاله السليمان حول عدم وجود عقود للموظفين وقال: "هي عقود مؤقتة والسبب أن الهيئة لم تصدر ميزانيتها بعد، وإن العقود ستكون لاحقاً منطبقة على نظام العمل والعمال والتأمينات الاجتماعية". وعقب الكاتب خالد السليمان على حديث الدكتور الشريف قائلاً: "هيئة مكافحة الفساد قائمة على ثلاثة أمور، وهي قوة الحق وصلتها بالملك والصلاحيات الواسعة في التحقيق مع كائن من كان، ومع ذلك ما زالت مجرد مبنى"، مشيراً إلى أن "هيئة مكافحة الفساد لديها معوقات كبيرة لكنها لا تستطيع الإعلان عنها. وشدد السليمان على أن مكافحة الفساد لن تحل عن طريق الهيئة ولا الرقابة والتحقيق وإنما عبر الإصلاحات الجذرية, مطالباً بتمكينها من اختراق الحصون السميكة والأسوار العالية وغير ذلك ستكون مجرد لوحة على جدار، وأنه يجب أن يطور مجلس الشورى ليصبح مجلساً تشريعياً؛ لأنه سيكون بنية تحتية لمكافحة الفساد. وعن بداية إشكاليات الفساد قال إنها بدأت مع "بحبوحة منح الأراضي", حيث وزعت الأراضي بطريقة غير عادلة حتى أصبحت بلادنا صحراء كبيرة تعج بالهوامير، ووصل بنا الحال إلى أن بعض الوزارات ومنها الصحة تتوسل الأراضي من رجال الأعمال رغم أننا في دولة مترامية الأطراف. وقال السليمان إن الذين أثروا من سرقات المال العام ادعوا أنهم مارسوا تجارة العقارات، ففي اليوم التالي لتقاعد مسؤول تكتشف أنه يملك ناقلات نفط وفنادق في أوروبا وطائرات خاصة، رغم أنه لو تجمع رواتبه ورواتب أبنائه طوال 40 سنة لما توافر ربع ما يملكه من الثروات المشبوهة.