قلّل الخبير المصرفي طلعت حافظ، من أهمية ما تعرّضت له حسابات بعض عملاء البنوك في الفترة الأخيرة من عمليات سحبٍ متفاوتة لمبالغ مالية دون علمهم، مؤكداً ل "سبق" أنها حالاتٌ قليلة جداً وتم كشف مرتكبيها، وأن الحسابات في وضعٍ آمن, موضحاً أن أبرز أوجه الاحتيال البنكي حالياً هي عمليات سداد المديونيات والقروض الميسّرة التي يقوم بها محتالون تنتشر ملصقاتهم على أجهزة الصرّافات الآلية. وفنّد الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية تحفظات بعض الاقتصاديين على تزايد حجم القروض الاستهلاكية في المجتمع وأضرارها المختلفة. كما تطرّق حافظ إلى الكثير من المحاور والقضايا المصرفية والاقتصادية المهمة؛ كارتفاع الأسعار وغسل الأموال..إلخ، فإلى تفاصيل الحوار: ** اشتكى أخيراً بعض عملاء البنوك من سحب بعض المبالغ المالية من حساباتهم الشخصية دون علمهم.. ما طبيعة هذا الموضوع؟ البنوك السعودية تميزها التعاملات البنكية الإلكترونية السليمة، وتحصنها بوسائل حماية عديدة تضمن سلامتها حتى لا تكون عُرضةً للاختراق والاحتيال، من هذا المنطلق تنفذ البنوك السعودية حملات توعوية عديدة لتعزيز الوعي المصرفي بشكلٍ عام لدى أفراد المجتمع، والوعي المصرفي الإلكتروني بشكلٍ خاص. وحالياً أطلقت حملة توعية بعمليات الاحتيال والنصب المالي والمصرفي وسبل الوقاية منها تحت عنوان "لا تفشيها" والحملة تندرج ضمن إستراتيجية توعوية طويلة الأجل تعكف البنوك السعودية على تنفيذها من خلال لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية، بهدف تعزيز وعي جميع أفراد المجتمع بما في ذلك عملاء البنوك بمختلف أنواع عمليات الاحتيال والنصب المالي وسبل الوقاية منها، وبهدف أيضاً تجنيب عملاء البنوك الوقوع ضحية للاستغلال من قبل المحتالين والنصابين. أما بخصوص ما ورد لبعض البنوك من شكاوى عن سحب مبالغ مالية من الحسابات الشخصية دون علمهم، فكانت عبارة عن مبالغ صغيرة اتضح في بعضها أن العميل نفسه يسحب المبلغ وينسى أنه قام بعملية السحب، فيشتكي ثم يتبين بعد ذلك أنه هو مَن قام بالسحب.. وهناك حالات قليلة للاحتيال المصرفي وتم الحد منها والتعامل معها بشكلٍ صارم. والمملكة تعد واحدة من أقل دول العالم تسجيلاً لعمليات الاحتيال المالي والمصرفي. ** لكن هناك مواطنين أكّدوا سحب مبالغ من حساباتهم دون علمهم وثبت أنها حالات تلاعبٍ وسرقة واضحة؟ ما كُشف هو حالات قليلة جداً كما ذكرت سابقاً، ويقوم المحتال بسحب الحد الأعلى في عملية السحب اليومي 5000 ريال ولا تزيد على ذلك.. ويتم كشفها بسرعة. ** هذا يدفعني إلى سؤالك عن أبرز أوجه الاحتيال المصرفي الإلكتروني التي قد تمارَس على عملاء البنوك بصفة عامة؟ هناك أساليب مختلفة للاحتيال المصرفي على مستوى التعاملات الإلكترونية والبطاقات المصرفية، والبطاقات الائتمانية على مستوى العالم، وهناك سبلٌ للوقاية منها، والمملكة يُوجد في نظامها المالي والمصرفي تحصيناتٌ ووسائل حماية يصعب على أي شخصٍ اختراقها أو التحايل والتلاعب بها؛ في ظل اهتمام البنوك بالعميل الذي يباشر بنفسه التعامل الإلكتروني وفق ما يُتاح له من طرقٍ آمنة. أما أوجه الاحتيال والتضليل التي تمارس حالياً فيأتي أبرزها أدعياء سداد المديونيات ومقدمو القروض الميسّرة الذين يدّعون تقديم خدمات أفضل من البنوك والمصارف، وهم محتالون مثل أبو محمد أبو صالح ..إلخ الذين تنتشر ملصقاتهم على أجهزة الصرّافات الآلية، هؤلاء بلا هوية ولا مقر وهذا تحايل ومخالفة لمؤسسة النقد العربي السعودي، وللمادة 2 من نظام مراقبة البنوك. كذلك تأتي رسائل بريد إلكتروني تدعي أن العميل ربح جائزة معينة أو فاز بسيارة ثم يطلبون منه رقم الحساب الشخصي وغيره من المعلومات المصرفية بهدف الاحتيال والنصب والسرقة؛ لذا أنصح بعدم إفشاء البيانات المصرفية عبر الهاتف لأي كائنٍ مَن كان، خاصة مَن يدعون أنهم موظفو البنوك وهم غير ذلك.. لأن تحديث البيانات لا يتم إلا في البنوك مباشرةً وليس عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني. ** دعني أنتقل إلى موضوعٍ أقلق كثيراً من الاقتصاديين بتداعياته السلبية على الاقتصاد الوطني، وهو تزايد حجم القروض الاستهلاكية في المجتمع.. كيف ترى إيجابية هذا القلق؟ بالطبع هناك قلق الاقتصاديين من تضخم حجم القروض الاستهلاكية في المجتمع السعودي، فقبل عام 1999م، لم يكن حجم القروض كما هو اليوم، والسبب الزيادة السكانية وارتفاع مطالب العملاء.. لذا توسعت والبنوك في الإقراض الشخصي. ** لكن على ماذا يدل ذلك اقتصادياً، وهل له تأثير في دخل المواطنين؟ يدل على تزايد حاجة المقترض فيلجأ للمصادر الرسمية التي توفرها له. وللعلم تشكل حجم القروض في المملكة 215 مليار ريال، وعند مقارنتها بإجمالي الناتج القومي، فالنسبة تعد معقولة في ظل نسبة التعثر المعقولة والبالغة 1,3%، وكذلك وجود نظام تحويل الرواتب على حسابات المقترضين من البنوك ما يوفر غطاءً للسداد. والبنوك السعودية لديها سياسة حصيفة في القروض من خلال التنوع في مجال القروض، فليس الاقتراض كله استهلاكياً بل هناك الإقراض العقاري ويمثل نسبة لا بأس بها من خلال محفظة الإقراض البنكي.. وقد شهد إجمالي القروض العقارية خلال الفترة ما بين عام 1998 وحتى نهاية عام 2010 ارتفاعاً كبيراً وملحوظاً، حيث ارتفع إجمالي ذلك النوع من القروض من 1.778 مليون ريال في عام 1998، إلى مبلغ 23.087 في نهاية العام الماضي. إذاً ليست ال 215 مليار ريال هي قروض استهلاكية فقط، كما يعتقد البعض ويقلق من سلبياتها. ** هناك تساؤلات دائمة من المستهلكين في المملكة لا تجد لها إجابات مقنعة.. وهي لماذا ترتفع الأسعار لدينا أكثر من الدول الأخرى؟ وكيف تنخفض الأسعار؟ ارتفاع الأسعار تحكمه عوامل داخلية وخارجية.. فالخارجية تتمثل في ارتفاع أو زيادة القدرة الاستهلاكية في العالم حيث وصل عدد سكان الأرض إلى 7 مليارات نسمة وبالتالي زاد الطلب. كذلك انعكست المتغيرات المناخية التي أصابت العالم في الفترة الأخيرة سلباً على كثير من البلاد الزراعية وسبّبت لها الجفاف ما أضعف قدرتها على إنتاج المحاصيل. كما أن هناك دولاً تحولت لاستخدام الوقود الأحيائي الذي يعتمد في تركيبته على مواد غذائية كالذرة والسكر ما انعكس سلباً على زراعة المنتجات الزراعية. أضف إلى ذلك زيادة أجور الشحن والنقل والتأمين واضطراب الأحوال السياسية وتحول بعض الدول من زراعية إلى دول صناعية. أما العوامل الداخلية التي أسهمت في رفع الأسعار فتتمثل في أن القدرة الاستهلاكية كبيرة لدى سكان المملكة. ثم إن حالة الرفاه الاجتماعي عالية. أضف إليها غياب ثقافة الشراء والاستهلاك لدى السعوديين.. وشراؤهم أكثر من حاجاتهم الفعلية.. فعلى سبيل المثال نستهلك المياه ضعف استهلاك البريطانيين رغم أنه ليس لدينا مصادر كبيرة للمياه. ** وما ردُّك على مَن يرى أن ارتفاع الأسعار سبّبه جشع التجار وضعاف النفوس واستغلالهم حاجات الناس؟ الأسعار تخضع للعرض والطلب، والمملكة سوق مفتوح، وتركيز الفرد السعودي على شراء سلع دون غيرها يساعد على رفع أسعارها، لذا أنصح المستهلكين السعوديين بثقافة البدائل والتعوُّد على شراء سلعٍ بديلة بذات القيمة الغذائية لكنها متنوعة من ماركات متعددة، وبهذا تكون هناك خياراتٌ أمام المستهلك لشراء السلع الأرخص وبالتالي تهبط الأسعار. ** تُعَدُّ عمليات غسل الأموال ظاهرةً عالميةً شملت مختلف الدول والمجتمعات.. فهل فعلاً تُوجد عمليات غسل الأموال في المملكة؟ لا.. لا توجد لدينا في المملكة ظاهرة غسل الأموال أو تبييضها والدليل تبوؤ المملكة المركز الأول عربياً في القضاء على عمليات غسل الأموال أو تبييضها وبناءً على ذلك منحت شهادة من جهة عالمية محايدة ومعروفة، وهذا يدلل على قوة النظام البنكي السعودي. والبنوك تنسق مع وزارة الداخلية ومؤسسة النقد لكشف هوية مزوّري الأوراق الثبوتية التجارية في البنوك؛ خوفاً من أن تكون أموالهم المودعة في البنوك غير مشروعة وناتجة عن غسل أموال.