أكد وزير الاقتصاد والتخطيط المهندس عادل فقيه ل"سبق": "أننا نمتلك فرصًا هائلة جدًا للتوسع الاقتصادي، وللتوسع في تحسين مستوى الخدمات، وفي تحسين مستوى الأداء، وفي الاستثمار بوسائل كبيرة"، داعيًا لتحقيق الرؤية التي "تنقل بلادنا من بلاد معتمدة على البترول كدخل رئيس، وشبه وحيد، إلى اقتصاد قوي، قادر على الاستمرار والاستدامة". وقال فقيه، ردًا علي سؤال "سبق"، حول تعليقه لتحفظ بعض خبراء الاقتصاد على مضمون دراسة "ماكينزي" التي أشارت إلى أنَّ القطاع الخاص سيضخ تريليون سنويًا، لمدة 15 عامًا في استثمارات مباشرة بقوله: "الحقيقة الدراسة التي أجرتها "ماكينزي"، دراسة تذكر ما هي الفرص الممكنة التي ركَّزت علي أنَّ بلادنا التي ينظر على أنَّها تمر ببعض الصعوبات الاقتصادية، هناك فرص هائلة جدًا للتوسع الاقتصادي، وللتوسع في تحسين مستوى الخدمات، وفي تحسين مستوى الأداء، وفي الاستثمار بوسائل كبيرة".
وأضاف: "التحدي الكبير الذي يجب أن نواكبه جميعًا، كمجتمع، حكومة، وقطاع خاص، وأفراد، أن نبيِّن أنَّ هذه التوقعات ليست فقط ممكنة كما قال الاستشاريون المستقلون، لكنِّها إن شاء الله قادرة للتحقيق في فترة زمنية حتى أقصر من تلك التي توقعوها".
وتابع: "القضية ليست تنبؤات تقوم بها شركة استشارية، لكن مدى الالتزام الذي تلتزم به الحكومة والمستثمرون في القطاع الخاص وأفراد المجتمع، لتحقيق هذه الرؤية التي تنقل بلادنا من بلاد معتمدة على البترول بشكل رئيس، وشبه وحيد لدخلها، إلى اقتصاد قوي قادر على الاستمرار والاستدامة". وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الوزير فقيه أمس في مقر المسرح الرئيس لهيئة الإذاعة والتلفزيون في الرياض، للحديث عن الميزانية العامة للدولة للعام المالي 1437/ 1438ه، بحضور رؤساء تحرير الصحف المحلية، ومراسلي وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة من داخل المملكة وخارجها، أوضح وزير الاقتصاد والتخطيط المهندس عادل فقيه، أنَّ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- رسم ملامح الرؤية المستقبلية للعام المالي القادم, بحيث تشمل الموازنة حجمًا كبيرًا من النفقات التي تحرص الدولة على مواصلتها في المشروعات الخاصة التي تتعاقد عليها, مشيرًا إلى أنه استُحدث هذا العام مخصصًا عامًا في دعم ميزانية الدولة, ليعطيها مرونة أكبر في التعامل مع التقلبات الحادّة في الأسعار, ويعزز لديها القدرة على توجيه هذا الإنفاق بشكل مرن في المشروعات. وقال المهندس عادل فقيه: "انخفضت الإيرادات البترولية في هذه الميزانية بنسبة 23 % عما كانت عليه العام الماضي, ولكن الإيرادات غير البترولية ارتفعت بمعدل 30%, مشيرًا إلى أنَّ هذا العام شهد انخفاضًا وتقلباتٍ حادة في أسعار النفط, واتخذ مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية إجراءاتٍ تهدف إلى التحكم قدر الإمكان في كفاءة الإنفاق والارتفاع في المصروفات عمّا كان واردًا في الميزانية التقديرية, البالغ حوالي 15% فقط". وأشار المهندس عادل فقيه, إلى "أنَّ الميزانية في العام المقبل ستواصل تنفيذ مجموعة كبيرة من الإصلاحات الإدارية والهيكلية في الاقتصاد والإصلاحات المالية, وسيتم التركيز على مشروعات البنى التحتية في قطاعات مختلفة في الجامعات والمطارات والموانئ والطرق وغيرها، بشكل يحقق عوائد وجودة عالية تعود بالنفع على المجتمع".
وأضاف: "إطلاق حزمة من الإجراءات سيتم إطلاقها، لتيسير أعمال القطاع الخاص، وتفعيل برامج الخصخصة بشكل أكبر, ومن ضمنها تبنّي أفضل الممارسات العالمية في الحسابات المالية للدولة، وإنشاء وحدة للمالية العامة في وزارة المالية, ومجموعة أخرى تتمثّل في ارتفاع مستوى الشفافية من خلال الإفصاح عن مجموعة كبيرة من المعلومات, واتخاذ إجراءات هيكلية كبيرة قادرة على تحقيق دور أكبر للحكومة" .
وأكد "أنَّ منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله مقاليد الحكم في البلاد, تم إصدار مجموعة من الأوامر الملكية, تضمّنت إعادة هيكلة العديد من القطاعات الحكومية, وأعفي العديد من اللجان لتخفيف العبء البيروقراطي والتعجيل في صناعة القرار، وأنشئ على إثرها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ومجلس الشؤون السياسية والأمنية" .
وتابع: "اتخذ مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية مجموعة من الإجراءات والسياسات التي تحرص على تفعيل دور الحكومة وزيادة قدرتها على استحداث التغيير المطلوب وإدارتها بشكل كبير، ومن هذه الإصلاحات إنشاء البرنامج الوطني لدعم إدارة مشروعات الأجهزة العامة، الذي يهدف لاستخدام الأساليب الإدارية الحديثة لإدارة المشروعات ومتابعة الإنجاز, ثم بعد ذلك إنشاء مركز الإنجاز والتدخل السريع لدعم الأجهزة الحكومية المختلفة وتمكينها من متابعة إصدار القرارات بمرونة وكفاءة وسرعة، بالإضافة إلى إنشاء المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة" .
وأوضح أنَّ "الناتج المحلي لا يزال ينمو بنسبة جيدة, فالتقديرات الأخيرة للعام المالي الحالي الذي سينتهي خلال اليومين القادمين, تشير إلى أنَّ هناك نموًا يتجاوز 3.3 من الناتج المحلي, وأنَّ معدل التضخم هذا العام هو في حدود 2.2, وذلك يشير إلى أنَّ اقتصاد المملكة هذا العام يواصل نموّه بشكل معقول ومعدل التضخم يواصل ثباته بحدود معقولة" . وأبان أنَّ الدولة عمدت إلى زيادة الإيرادات غير البترولية, حيث أقر مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة سمو ولي ولي العهد رؤية تفصيلية حول هذا الهدف في المدى القصير, حيث شهد هذا العام تحسنًا في مستوى الإيرادات غير البترولية, وتحسين متابعة عوامل الاستثمار والضرائب المستحقة على الشركات الأجنبية وكذلك توسيع الاستثمار في قطاع التعدين والسياحة بما يسهم في تحقيق إيرادات أكبر .
وفيما يتعلق بالضرائب وبالنسبة الحقيقة لضريبة القيمة المضافة, أوضح أنَّ "المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي أقر ضريبة القيمة المضافة على مستوى دول المجلس, وسيستغرق تطبيق ضريبة القيمة المضافة بعض الوقت، نظرًا للحاجة إلى التخطيط لاستكمال جاهزية إمكانية تطبيقها, وأقرَّ المجلس كذلك زيادة الرسوم على منتجات التبغ والمنتجات الضارة الأخرى".
وأفاد أنَّ نسبة مراجعة الرسوم والغرامات وإمكانية استحداث رسوم أخرى موضوع يدرس بحرص على الموازنة فيما بين الحاجة إلى تطبيق بعض هذه الرسوم أو مراجعتها لتحسين الإيرادات غير الرسمية من جهة وفي نفس الوقت على أن يتم ذلك بشكل تدريجي لا يؤثر على نمو القطاع الخاص ولا يؤثر على مستويات التضخم بشكل غير مقبول. وعن السندات الحكومية، قال فقيه: "العام الماضي أصدرت الحكومة سندات تنمية حكومية، والعام القادم يتوقع أن يتم إصدار سندات تنمية حكومية أخرى، ونتوقع أن يتم كذلك إصدارها للاستثمار فيها من قبل مؤسسات مالية أجنبية ووطنية". وأكَّد وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله بن عبدالرحمن الحصين، أنَّ "87% من فواتير المشتركين في خدمات الكهرباء التي صدرت هذا العام لن تتأثر بالتغيير الجديد في التعرفة، و52 % من مشتركي خدمات المياه لن يدفعوا أكثر من ريال واحد, بينما كشف رئيس مجلس إدارة شركة أرامكو السعودية المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح أنه على الرغم من الزيادة الطفيفة في أسعار الوقود إلا أنَّ المملكة تظل الأقل على مستوى العالم بهذه القيمة السعرية. وقدَّم وزير المياه والكهرباء عرضًا تناول فيه جهود الوزارة في ترشيد استهلاك الفرد للمياه والكهرباء في المملكة العربية السعودية والتعرفة الجديدة التي أقرت حاليًا، مبينًا أنَّه لم يتم إجراء أي تعديل على تعرفة الاستهلاك السكني لخدمة المياه والكهرباء في المملكة لمدة تزيد عن 15 عامًا بالرغم من زيادة التكاليف الرأسمالية والتشغيلية. وطمأن الحصين أنَّ معظم المستفيدين من خدمات المياه والكهرباء في المملكة لن يتأثروا بارتفاع التعرفة الجديدة التي تعد الأقل على مستوى العالم, موضِّحًا أنَّه روعي في التعرفة عدم التأثير على مستويات الاستهلاك الرشيد الذي يقدر متوسطه ب 2600 ك.و.س/منزل، كما حدّدت فيها حاجة الإنسان الأساسية للمياه حسب معايير منظمة الصحة العالمية (WHO ). وأشار إلى أنَّ 52 % من المشتركين في خدمات المياه لن يدفعوا أكثر من ريال واحد في اليوم، مفيدا أن التعرفة الجديدة لقطاعي الماء والكهرباء أدت إلى إسراف شديد في استهلاك الفرد مما جعل المملكة تتبوء الترتيب الثالث عالميًا بعد أمريكا وكندا في معدل استهلاك الفرد للمياه كل يوم على الرغم من ندرة مصادر المياه في المملكة والصعوبة البالغة في تحلية المياه ثم نقلها لمستفيديها.
وقال: "إنَّ منظمة الصحة العالمية قدّرت حجم استهلاك الفرد بحجم الاستهلاك المريح والصحي للمياه بنحو 83 لترًا في اليوم, ومع ذلك فإنَّ ما يستهلكه الفرد في المملكة يعادل ثلاثة أضعاف هذا الرقم أي بنحو 250 لترًا في اليوم للفرد".
واستعرض المهندس عبدالله الحصين استهلاك الكهرباء في المملكة وقال: "إنَّ المملكة من أعلى الدول استهلاكًا للكهرباء، لذلك جاءت هذه التعرفة التي تعدَّلت القطاعات السكني والصناعي والتجاري بهدف تصحيح توجه الاستهلاك لدى المواطن والمستفيد من خدمات الكهرباء وترشيده, مشيرًا إلى أن استهلاك المواطن للكهرباء يبلغ 8000 كيلو وات في الساعة وهو من أعلى المعدلات على مستوى العالم".
وأضاف: "تعرفة الماء موحدة للقطاع السكني والتجاري والصناعي, وكذلك تعديل سعر عدادات الكهرباء كل 7 سنوات لضمان إعطاء قراءة صحيحة للاستهلاك".
وشدد المهندس الحصين على أنَّ "الدولة لا تهدف من تعديل الأسعار لزيادة مواردها, بل تهدف لترشيد الاستهلاك وإيقاف الهدر, حيث أن معدل الاستهلاك المحلي لموارد الطاقة وصل إلى معدلات مرتفعة لا يمكن الاستمرار عليها خلال السنوات القادمة" .
كما أوضح أنَّ حملة ترشيد الاستهلاك في المياه التي أطلقتها وزارة المياه والكهرباء قبل نحو عشر سنوات, لم تحقق أهدافها المنشودة بالكامل على الرغم من أن الوزارة وزّعت أدوات الترشيد على أكثر من ثلاثة ملايين مسكن, في حين أن الحملة حققت نجاحات ملموسة في القطاعات التجارية مثل: الفنادق والشقق السكنية.
ومن جهته قال المهندس خالد الفالح: "إنَّ الميزانية الجديدة جاءت بالتزامن مع انخفاض أسعار البترول العالمية, وفي ظل ظروف خاصة تمر بها المنطقة, وأتت بعد نهاية مرحلة استثمار كبرى في مشروعات البنى التحتية بالمملكة بغية الانتقال من اقتصاد ذي مورد واحد إلى اقتصاد متنوع الموارد".
وأضاف: "الميزانية فيها توازن شامل, ومستوى الإنفاق فيها يقارب ما رصد لميزانية 2015م بالرغم من انخفاض أسعار النفط هذا العام, والهدف من ذلك هو الثقة بقدرة الحكومة على تمويل هذا المستوى من الإنفاق والاستمرار في البرامج التنموية للدولة, مبينا أن الميزانية من ناحية الموارد غير النفطية تعد الأعلى في تاريخ المملكة".
وتابع: "لأول مره منذ عشر سنوات سيكون هناك تعديل في أسعار الطاقة بالمملكة تشمل: النقل "البنزين والديزل"، والقطاع الصناعي الذي يستهلك الغاز "الإيثان والكيروسين"، لأن الخيارات أمام الحكومة تتراوح بين إبقائها كما هي أو زيادتها دفعة واحدة لمستويات مماثلة للأسعار العالمية, وذلك سيقدمنا خطوة للأمام وهي خطوة جيدة لمقاربة المملكة للأسعار العالمية، مؤكدا أن أسعار الوقود في المملكة رغم ارتفاعها تظل الأقل إقليميًا وعالميًا."
وبين أن سعر البنزين ( 91 ) الذي تحتاجه 95% من السيارات سيرتفع سعره من 45 هللة للتر الواحد إلى 75 هللة, بينما سيرتفع سعر البنزين ( 95 ) من 60 إلى 90 هللة للتر الواحد, مشيرًا إلى أن هذه الأسعار موحدة لجميع المستخدمين في جميع مناطق توزيع الوقود بمختلف مناطق المملكة، وسيبدأ العمل بها من منتصف هذه الليلة.
وفيما يتعلق بأسعار الغاز، قال معالي المهندس خالد الفالح : سيتم رفع أسعار الغاز في القطاع الصناعي من 75 سنتًا أمريكيًا لكل مليون وحدة حرارية إلى 1.25 سنت, والإيثان الذي يستخدم في الصناعات البتروكيماوية سيرتفع سعره من 75 سنتا أمريكيًا إلى 1.75 سنت لكل مليون وحدة حرارية، موضحا أن الغاز المستخدم في المنازل لم يصدر فيه أي تعديل.
وأضاف معاليه أن استهلاك المملكة في الطاقة غير مستدام ولا يمكن أن تستمر المملكة بهذه المعدلات المتزايدة في استهلاكها, مفيدا أنه في عام 1990م بلغ استهلاك المملكة من الطاقة ما يعادل ( مليون برميل مكافئ) وبلغ هذا العام ( 4.8 مليون برميل مكافئ)، وذلك يدعوا إلى التوجه بحذر لرفع أسعار الوقود والطاقة للترشيد والمحافظة على هذا المورد للجيل الحالي وأجيال المستقبل. وفيما إذا كانت الميزانية العامة للدولة تستند لأسعار النفط, أكد معالي المهندس خالد الفالح أن ميزانية الدولة لا تستند على أسعار النفط, مشيرًا إلى أن المملكة ستستمر في تلبية احتياجات عملائها في مجال النفط, ولدى المملكة مرونة كبيرة في تمويل عجزها في مجال إنتاج النفط, وبأن المملكة تعمل حاليًا على توجيه الصناعات البتروكيماوية الأساسية إلى صناعات تحويلية ذات قيمة مضافة .
ونوّه بأن المشروعات التي بدأ تشغيلها قبل أكثر من سبع سنوات ستعمل بالأسعار القديمة للوقود, فيما ستطبق التسعيرة الجديدة على المشروعات التي بدأ تشغيلها لفترة أقل من سبع سنوات, مبينًا أن التطبيق الفعلي للتسعيرة الجديدة للوقود سيبدأ في الساعة الثانية عشرة ونصف من منتصف هذا اليوم, فيما ستطبق التسعيرة الجديدة للكهرباء والمياه مطلع شهر يناير القادم .