تعتبر الطاقة أكثر مدخلات التنمية الاقتصادية أهمية، بحيث لا يمكن تصور أي عملية إنتاجية دون أن تكون الطاقة أحد مدخلاتها. وتزداد معدلات التنمية بزيادة مستويات الطاقة المستخدمة، ولهذا تتضاعف أهمية النفط والغاز في المملكة من خلال مساهمتها في توفير الطاقة الرخيصة لقطاعي الكهرباء والمياه أو مساهمتهما في قطاع تكرير النفط وصناعة البتروكيماويات، بجانب اعتماد الاقتصاد السعودي على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات الحكومية، وبالتالي الإنفاق الحكومي وكمحرك للنشاط الاقتصادي. ولكن بالإضافة إلى كون النفط موردا مهددا بالنضوب لأسباب طبيعية أو لتفوق بدائل أخرى في السوق، فهناك تهديد ثالث يتمثل في استهلاك معظم الانتاج محليا وعدم كفايته للتصدير. فقد نتج عن المعدلات المرتفعة جدا للنمو السكاني في المملكة زيادة استهلاك الفرد للكهرباء والمياه، وتنذر أنماط الاستهلاك خلال السنوات الماضية، بضرورة التحرك لحفظ هذه الموارد. حيث يؤدي ارتفاع معدلات استهلاك الكهرباء والمياه المحلاة الى تزايد استهلاك النفط في داخل المملكة لدرجة أصبحت تشكل تهديدا على عائدات تصدير النفط وأيضا يقوض جهود تنويع الدخل الاقتصادي المرتكز على المنتجات البتروكيماوية، لانخفاض كفاءة استخدام الطاقة وثبات أسعار النفط المستخدم محليا في المملكة. فمن المتوقع أن يزداد الطلب المحلي على الطاقة من 3.5 مليون برميل معادل للنفط يومياً إلى نحو 8.5 مليون برميل معادل مليون برميل يوميا للنفط بحلول عام 2030، وتتوقف صحة هذا التوقع على افتراض ثبات الطاقة الإنتاجية إلى ذلك الوقت في حدود 12.5، وعدم حدوث تغير في استهلاك الطاقة، وعليه فإن السعودية لن تكون قادرة على تصدير أكثر من 3.5 مليون برميل يوميا تمثل نحو نصف مستوى صادرات المملكة النفطية في عام 2010، وبالتالي تراجع الإيرادات النفطية في عام 2030 بنسبة 50 في المائة نتيجة تحويل كميات أكبر من النفط المنتج لمواجهة الاستهلاك المحلي على حساب الصادرات النفطية. ولهذا وبجانب ضرورة الجدية في التنويع الاقتصادي لابد من تقليص الإسراف في الاستهلاك الداخلي بتبني عدد من الخيارات منها: • تحسين كفاءة توليد الكهرباء و تقليل الفاقد في شبكات التوزيع، ودفع جهود تطوير مصادر طاقة متجددة لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه، وإحلال المحطات القديمة الموجودة. • إعادة تقويم آليات التسعير ومستويات الدعم لأسعار الكهرباء والوقود الذي يشجع على الإسراف في الاستهلاك، وكذلك يقلل من جدوى الاستثمار في تطوير تقنيات توفير الطاقة وتحسين كفاءة الاستهلاك. • توفير الدعم والضمانات الحكومية التي تحسن اقتصاديات الاستثمار في هذه المشاريع وتجعلها جاذبة للمستثمرين. • ترشيد الاستهلاك في القطاعات التجارية والصناعية والتحفظ في استهلاك الطاقة، وإلزام المستهلكين باستخدام تقنيات خفض حجم الاستهلاك. وإطلاق حملات توعية دائمة للمستهلكين.